* (تنبيه) * مقتضى العقل أن تكون طبقات هذه العناصر أربعة لكل واحدة صرفة تحفظ الأصل وأخرى تمد العالم وحامية للصرفة من غيرها من الجهتين والحال أنهم أثبتوا الأربعة سبعة والسهروردي ستة والشيخ لم يحقق في هذا كلاما والذي ذكروه عنه تسعة ثلاثة للتراب وواحدة للماء كذا النار وأربعة للهواء وفى الترويجات ثلاثة، والذي أقوله وفاقا للمعلم إنها تسعة وتعليلها أن التراب ليس تحته ما يحترز منه فله الصرفة والطينية والمكشوفة للشعاع والماء له الصرفة خاصة لان التراب والهواء يهربان منه وقوته المادة للكون قد امتزجت بما صارت به مرة ومالحة وعذبة وغير ذلك (وأول) طبقات الهواء ما أحاط بالماء، وهو البارد الذي يبرد نحو الماء فلا يقال لم حكمتم بحرارته. وثانيها ذات الدخان والبخار وهى على ستة عشر فرسخا من سطح الأرض إلى الجو.
وثالثها الصرفة: ورابعها النارية والنارية كالماء فيما ذكر والأربعة بسيطة شفافة غير ملونة وهى أجزاء أولية للمركبات وهل يوجد منها البسيط عندنا أقوال ثالثها يوجد في غير التراب كنار الفتيلة وماء المطر إذا صفا الجو والهواء إذا عدمت الرياح ورابعها لا يوجد إلا بالهواء.
* (فصل في ثانيها) * وهو المزاج وحقيقته وكيفيته متشابهة عن تفاعل صور الأركان وانفعال موادها بالتماس والتصعيد وكسر كل سورة الآخر لتكون المركبات هكذا قرروه وعندي فيه نظر لان الانكسار والكسر إن وقعا على التعاقب لزم انقلاب المكسور كاسرا وهو محال أو معا لزم اجتماع الضدين وهو باطل أيضا وهذا إشكال قوى تعكسه المشاهدة ولم يحسنوا تقويمه ويمكن أن يقال إن المراد بالكسر التكافؤ لا التغير، وأما كيف تمتزج العناصر فأمر تعجز الأذهان عن تصوره وقد أطلقنا تحقيق الاستحالة وحال العناصر مع الشعاع وهل المنضج في هذا العالم هي أم المس في غير هذا المحل فلتطلبه. وحاصل البحث أنك قد عرفت حال الطبقات والاحياز وأن كلا لا يجامع الآخر فكيف يمتزج والمقرر فيه أنه قال في كتب السماع والطبيعيات إن الكواكب فصلت موارد العناصر حتى جمعتها كيفية قامت عنها المولدات وأقر الشيخ وغيره هذا وعندي فيه نظر لان الكواكب يستحيل اجتماعها على نسب طبيعية بحيث تفصل ما يجب في الوقت الواحد في سائر البقاع لان الشمس مثلا إذا كانت في الجدي فما الذي يصل نحو أهل الرابع منها وبالعكس في الحبشة وهكذا الباقي ودوام الحركة يمنع مناسبة المسامتة ويمتنع أن نقول إن المزاج وقع أول الدورة فقد قالوا إنها كانت في أول الحمل مجموعة وفيه ما فيه لأنه يلزم وقوع الامتزاج أولا في الإقليم الأول. وقال أفلاطون وفيثاغورس وديمقر اطيس إن الامتزاج كان بإعطاء العناصر قوة لاجتماع لما بينهما من الانقلاب والتناسب وهذا أشكل من السابق لأنه يستلزم إخراج العنصر عن موضعه بلا قاسر وهو محال وإلا جاز ارتفاع التراب عن الماء واستقرار الهواء تحته وأيضا الانقلاب لم يقع إلا بعد امتزاج وجه الأرض بالمختلفات وقد علمت مذهبي فيه وإنما أقول إن الفاعل المختار حيث اخترع البسائط من غير سبق هيولى ولا مادة كذلك اخترع المزاج منها ولئن لم تغلب نفوسهم فلم لا يقولون إن النفس الكلية السارية في القوى التي أمدت العالم من هذه الكيفيات انفصلت منها قبل تحركها إلى أماكنها ثم التفاعل والانفعال يتمان بالتداخل ومجرد التأثير إما بالمجاورة أو الملاقاة فهذه للكون وأول حادث عنها المعدن ضرورة وإلا لصح وجود النبات والحيوان في غير حيز كذا قالوه وعندي فيه نظر لان الثاني في حيز التراب المطلق لا مطلق الأرض بل المتجه أن اختلاف المعادن لم يقع إلا بعد تمام الكون لا فتقار ذلك إلى