أصحاب تصريف فإذا أرادوا أن يختفوا عن العالم اختفوا وإن أرادوا أن يظهروا ظهروا وتفتح لهم الأبواب وذلك بتلاوة الأسماء، وهذه الطائفة تتوسل بالسر بأسماء عظيمة يعلمونها وكيفية دعواتهم معلومة عند أهل العلم والتصريف التام الذي لخواص الخواص. وأما هذه الطائفة التي تسمى السوفسطائية والدهرية فلا تلتفت لما جنحوا إليه وإنما سطر هذا الرقم لكي يعلم مأخذ علمهم وصفة علمهم فيحترز منه العاقل ولا يقدم عليه الجاهل لكن للتعافين الآتي ذكرها دخل عظيم في علم الطب فلا بأس بذكر شئ منها وكذا المحاريق وما يتبعها لتقف على حقيقتها.
* (فصل في المحاريق وكيفية أعمالها) * وهو بيت من بيوت الحكماء إذا رأيته توهمت أنه نار توقد وإن أشرقت عليه الشمس تأجج نارا حتى كأنه يحترق فاعلم ذلك. (صفة حريق) تأخذ نورة بلا طفي تسحق ناعما ثم خذ نصفها صمغا أسود وربعها حبة خضراء واستحقهما مع النورة واخلطها جميعا واعجنها واطل بها الحيطان والخشب وجففه ساعة ثم خذ دهن بلسان خالص شيح واغله قليلا قليلا فان النار تشتعل لساعتها وإذا أشرقت عليه الشمس رأيت نارا عظيمة تتأجج حتى يتوهم من رآها أنه يحترق. (صفة أخرى) وكان يتعاطاها ملوك الهند والصين. يؤخذ بورق أرمني مع صفرة البيض يسقى ثلاثة أيام وكلما جفت الصفرة سقاها من ماء البورق ثم تأخذ المرقشيثا الذهبية الصفراء وتدقها ناعما وتضعها في إناء زجاج وتصب عليها خلا حاذقا وحماض الأترج المصعد قدر ما يغمرها وزائد إصبعين وحركها كل يوم ثلاث مرات وكلما اسود الخل صفه عنها وبدل عليها غيره حتى لا يتغير لونه فإذا كان كذلك خذها واسحقها مع الدواء الأول والقر شياهور ثلاثة أيام واشوها في كوز جديد مطين في تنور جديد ثم أخرجه وارفعه عندك محتفظا عليه من الندى والغبار فإنه جيد (صفة أخرى) إذا أردت أن تخيل للناظرين أن البيت الذي أنت فيه ذهب يتقد بحيث لا يستطيع أحد أن ينظر إليه. تأخذ من الطلق الذهبي ومن السندروس ومن الرجينة ما شئت ثم اسحقها سحقا جيدا وانخلها ثم شمعها بشمع واصنع منها شمعة في وسطها خرقة مصبوغة بزعفران فإذا جن الليل فخذ من العلم الأخضر وزن ربع درهم ومن المصطكي مثله ومن عود الند مثله وألقه في المجمرة في وسط البيت وهو مغلق ثم خذ تلك الشمعة واجعلها في وسط البيت فإنك ترى العجب بحيث يخيل لك أن البيت صار ذهبا فاعلم ذلك (صفة تدخين) عن أفلاطون قال إذا دخنت به نهارا أظلم الجو كله ورأيت النجوم والقمر نهارا. يؤخذ مصطكي وكبريت وحجر يسمى حجر الشمس خفيف ورأس طائر يقال له الخطاف يسحق ذلك ناعما ويعجن بمرارة سلحفاة بحرية أو برية ويجفف في الظل فإذا أردت العمل به فخذ حبة من تلك الحبوب وبخرها على نار من حطب شوك العوسج واتركه في مكان عال فإنك ترى القمر والكواكب نهارا بقدرة الله تعالى.
* (فصل في التعافين) * قال الحكيم أبو بكر: التعافين وأعمالها في جنس الحيوان الناطق وغير الناطق لا يدركها إلا حكيم عارف أبدعها رب الكون في عالم الكون والفساد بالتعفين والتوليد واختلاف الطبائع وتغير الأمزجة واختلاف المكان والزمان والهواء وإلف الحيوان مع غير جنسه في درجة معلومة من طالع الفلك. واعلم أن أجناس الحيوان من الأسماك تتولد في المكان لتعفنه واختلاف الاجزاء الأرضية بتلاطم الأمواج وطبخ حرارتين حرارة الهواء وحرارة الشمس وربما تتولد الأشياء في البحر