وأنواعها خمسة عند المتقدمين: الأول الأمور العامة كالعلة والوحدة والتقدم ونظائرها. والثاني مبادئ الموجودات. والثالث إثبات الصانع وما يصح له ويمتنع عليه. والرابع تقسيم المجردات.
والخامس أحوال النفس بعد المفارقة.
* (فصل في الحد والموضوع) * قد سبق آنفا في صدر الكتاب أن كل عمل لا لغاية فان توجه القوى العقلية إلى غير متصور محال ورفع تحصيل الحاصل واقع بالاكتفاء بمطلق التصور لازم بالتصور المطلق فلا تقف عنده والتصور الكافي هنا حاصل بالحد لتكفل إجماله بتفصيل ما سيأتي وتحقيق ذلك راجع إلى الحكيم فإنه كالأصولي للفقه فكما يتسلم الفقيه منه أن فروض الوضوء مثلا ثمانية أو أربعة كذلك الطبيب يتسلم من الحكيم أن العناصر أربعة والأسباب ستة إلى غير ذلك فهذه أصول قسمته فلنأخذ في تفصيلها فنقول: الأمور الطبيعية عند الجل تسعة وقيل أكثر من ذلك كما ستراه إن شاء الله تعالى.
* (فصل في أولها) * وهى العناصر الأربعة وتسمى الأركان والاستقصاءات والأمهات والأصول والمادة والهيولي باعتبارات مختلفة لا مترادفة على الأصح وهى الاختلاط وما بعدها مادية والمزاج صوري وهى والافعال غائية والفاعل معلوم وسيأتى أن المراد بالطبيعيات ما قاوم الوجود والماهية معا وإنما كانت أربعة لحصر الحركات عن المركز والوسط والمحيط فما تحرك من المركز إلى المحيط خفيف مطلقا إن بلغ الغاية وعكسه العكس والمتوسط مركب مضاف إلى الخفيف إن قرب إلى المحيط وإلا إلى الثقيل (فالأول النار) وهى حارة أصالة يابسة لعدم قبول التشكل (والثاني التراب) يابس أصالة بارد بالا كتساب وهو رأى العامة أو للتكثيف والاقتضاء (والثالث الهواء) رطب بالذات حار بالا كتساب لا لمعنى السلامة بل للانفصال (والرابع الماء) بارد في الأصل رطب حسا، وأحيازها إذا خليت عن القاسر رسوب التراب تحت الكل لما يشاهد من عود الحجر المقذوف إلى مركزه إذا انقطع القاسر وفوقه الماء بالمشاهدة وفوقه الهواء بدليل ارتفاع الزق المنفوخ والنار أعلى الكل تحت فلك القمر وينقلب كل منها إلى الآخر قالوا لان الهواء في نحو كير الحداد يصير نارا والنار تصير هواء حيث تصعد متراكمة كذا نقلوه عنه وأقره الكل وعندي فيه نظر لان النار لو انقلبت هواء لم تصعد بخط مستقيم على زاوية قائمة إلى المحيط وأما الهواء في الكير فأقول إنه لم ينقلب وإنما تلطف وإلا لا حترق الظرف وأما انقلاب الهواء ماء فمشاهد من السحاب المتقاطر كذا قالوه. وأقول إنه لا يمكن أن يكون ماء صعد سابقا كما في التقطير للراح ولم يثبت عندي انقلاب الماء هواء في القوارير وعلى سطوحات باردة وفى كهوف الجبال المرصودة كذلك. وأما انقلاب الماء حجرا فقد ادعوه وعكسه ولم يقم عندي عليه برهان لجواز أن يكون المتجمد في القنوات طينا والمتقاطر من الاحجار ماء كامنا واستدلال السهروردي والشيخ بالأحجار الحديدية الساقطة من الماء غير ناهض الدعوى لانى أقول إنها أدخنة وبخارات تصلبت عند الأثير ولو كانت ماء تحللت وقد اعترف في الشفاء بأن صاعقة سقطت بأصفهان فجاءت مائة وخمسين منا فأريد تحليلها فصعدت بخارات مختلفة ولو كانت ماء لذابت وبقيت محسوسة لان الشئ لا يخرج عن صورته الأصلية بالتلبس ألا ترى أن الماء وإن صار محرقا يرجع إلى أصله عند زوال المانع بل يبرد قبل البارد لتخلخله ولو خلع لم يعد وهذا مذهبه لأنه منكر الصناعة ويحتاج إلى التغوير الذي يلبسه الذهب كما أن الفضة تعود إلى الأصل بالمفارقات وهو محق في هذا افكيف يحتج بما ذكر.