الأظلاف من طبقتين ملتحمة وقرنية. وأما الطيور فطبقة واحدة رقيقة صلبة تحيط بالجليدية ولا رطوبة غيرها إلا للخطاف فلا طبقة له أصلا وإنما عيناه جليدية بينهما السمحاق وإذا قلعت نبت غيرها بعد أسبوع. وأما المخرزات فجميع أعينها رطبة شفافة إلا الخلد فعينه كاملة التركيب لكن لعدم الدماغ امتلا الغشاء فالتحم عليها. وأما الحية فعينها كقطعة زجاج لينة مستديرة ومن ثم لم تبصر الأشياء إلا على نقطة ومن الحيوان ما عوض عن العين آلات كقطع المرآة في رأسه يستشف بها من الأعلى مثل يرنقون وأما وضع الأحداق فقد يرتفع عن الوسط لنقص جزء كما في الوعل فلا يبصر منكسا ومنها ما ذهبت رطوبته البيضية فعجزت الجليدية عن مقاومة الأضواء القوية مثل الخفاش والبوم فصار يبصر في الظلام خاصة ومنها ما هو على العكس كالحمار والفرس والأعشى من قبيل الثاني ولكن ضعفا لاعدما وإلا استحال علاجه.
[القول في حاسة الشم] قد تقدم أن الخارج منه ثلاثة غضاريف ومر ذكر العظم الداخل فينبغي أن تعلم أن الغضاريف المذكورة تماس العظم بين الحاجبين بنقطة وأن في العظم ثقبا ملويا ينفذ إلى الدماغ وفى جانبيه ثقبان ينتهيان إلى الحنجرة كتركيب المزمار وأعلاهما يتخلص إلى العين منه يحس طعم الكحل في الغلصمة وفائدة هذا دفع الفضلات وفائدة الأصل تأدية الهواء عند انطباق الفم وقوة الحس فيهما من الدماغ بزائدتين كحلمتى الثدي.
* (تنبيه وتحقيق) * اختلفوا في إيصال الرائحة هل هي بتكيف الهواء أو بتحليل أجزاء من المشموم فيه فقال المعلم والشيخ والصابي بالأول لان المشموم ذو رائحة فكلما كان كذلك فهو حار لطيف يقلب الهواء عند انطباق الفم ولان المشموم لو تحللت منه أجزاء لنقص وفنى. وقال جالينوس والمعلم الثاني وأبو الريحان بالثاني لان الهواء لا يتكيف بمجرد الأشياء إذا لا قته لكن بالتحليل والتزموا النقص وادعوا أن وقوعه محسوس وعندي أن الحق التفصيل وهو أن المشموم إذا كان متخلخلا كالكافور والمسك وكان الهواء حارا حلل أجزاء، لو قوع النقص وقوة الرائحة في الحر وإن كان كثيفا أو كان لدنا كالعنبر كان الوصول بمجرد التكييف وإن كان صلبا لم يكيف ولم يتحلل ومن ثم احتجنا في مثل العود إلى تحليله بالحرق حتى يكيف الهواء فتأمله فإنه موضع دقة.
* (فوائد: الأولى) * أجود آلات الشم ما طال ودق ولذلك كانت السلوقية من الكلاب أعظم من سائر الحيوانات إدراكا للمشموم (الثانية) أن الحيوانات تختلف في هذه الآلة كثيرا فذوات الأربع غير الكلاب لم يخلق لها وصلة بالغضاريف بل كلها لحم والطيور ليس لها أنف وإنما فوق المناسر خرق للهواء. وأما الظبية السندية فإنها تشم بقرونها والمخرزات لا شامة لها إلا النملة خاصة لان قوتها عظيمة لأنها فقدت السمع فعوضت عنه الشم (الثالثة) أنها إنما تعدد موضع القوة لأجل الآفة فإذا خصت بآفة نابت عنها الأخرى وكذا بواقي الحواس.
[القول في آلة السمع] وأجزاؤها البسيطة غضروف وعصب ولحم وقد مرت. وأما صفة تركيبها فقد استدار الغضروف كالسكرجة لما عرفت من تدريج الهواء ولأنه كالجفن للعين وهو يستدير بتعريج حتى يمس الفرجة لحم قد فرش على العظم الأعور بتقعير تقاطعت عليه الأعصاب والأعور هو العظم الحجري المثقوب بتعويج ينتهى إلى الدماغ قيل وإلى القلب، وكيفية الاسماع أن الثقب المذكور مملوء بالهواء الواقف لاستحالة الخلاء فإذا تكيف الهواء الخارج بصوت أو حرف دخل فقرع الواقف فحصل السمع بالانضغاط بين قارع ومقروع كذا قرر من غير خلاف ولكني