نقل المزاج الفاسد إلى مزاج صالح في الغاية وهذا يتم بطول في التدبير وملازمته ووقوف عند رأى الفاضل الحاذق أو يريد مجرد الرجوع إلى ما به يعد صحيحا في الجملة، وهذا يكون بالتزام ما ذكرنا من الأسباب كلها على الوجه المذكور. ومن الناس من يصح صيفا مثلا دون غيره فيستعمل المسخنات فان بها صلاحه قطعا وكذا الكلام في السن والصناعة وباقي الطوارئ ويجب تعاهد الاستفراغ وتفتيح السدد وتنقية التخم وأخذ المعاجين الكبار كالمثرو والسطير أو أخذ التين والقرطم بحالها والكموني عند حدوث الرياح ودواء المسك عند الخفقان ومعجون العنبر عند تغير الرأس والقئ عند الامتلاء وفرط السكر والرياضة عند حدوث الكسل، وعلى السمين هجر الحلو واللحم وتكثير الحوامض والمشي والشرب على الريق، وعلى المهزول عكس ذلك، ومن أسرع إليه المرض فجأة ثم صح بأدنى سبب فليحذر على مزاجه ولا يدعه هملا فإنه لطيف وأقل ما يجب تدارك البدن في رؤوس الفصول فان الصحة فيها سريعة التغير لشدة تأثير الزمان في الكون.
* (فصل في العلامات الدالة على تغير المزاج) * لاشك أن الحرارة متى زادت في البدن كان الملمس حارا ويلزمها اسوداد الشعر وغزارته وكدورة اللون فان كثرت في الرأس كان ذلك أكثر ولزمها حمرة العين وحرقانها والصداع وامتلاء العروق والتهييج أو في البدن فان خصت الكبد لزمها الهزال والعطش والصفرة وحبس البراز وثقل الموضع أو المعدة فسوء الهضم والغثيان والبخار الدخاني وقوة الهضم للأشياء الغليظة مع نقص الشهوة أو الرئة فسرعة النفس والاستلذاذ بالبارد وجهارة الصوت أو الأنثيين فغزارة المنى وبياضه.
وأما سرعة النبض وتشويش الافعال واختلاط الذهن وسرعة الحركات والكلام فمن لوازم مطلق الحرارة وإن الرطوبة يلزمها لين البدن والثقل والكسل وسبوطة الشعر وكثرته وقلة العطش وكثرة البول والعرق ولين الطبيعة والنوم والتمطي والسمن فان خصت الرأس لزمها كثرة الدمعة واللعاب والمخاط وثقل الحواس أو الصدر والرئة فكدورة الصوت وغلظه وكثرة لحم العنق والصدر وشعره أو المعدة ففساد الهضم والازلاق والجشاء أو القلب فالجبن وقلة الاعتناء بالأمور ولين النبض وانتفاخ الشريان أو للكبد فادرار البول ولين البدن خصوصا الجانب الأيمن أو الأنثيين فرقة المنى مع كثرته وإلا عراض عن الشاهية في وسط الجماع، وضد الحار علامات البارد والرطب اليابس.
وأما الأخلاق فالشجاعة والغضب والحمق وسوء الظن والبطش وقلة الحياء من لوازم الحرارة واليبس وبالعكس في الآخرين. وأما ما يظهر من الفم بعد النوم فالمرارة من لوازم الحر واليبس والحلاوة للحر والرطوبة والتفاهة للبرد والرطوبة والحموضة له ولليبس. وقد يستدل من رؤية المنامات على تعيين الخلط، فان من احتلم برؤية الأشياء المصفرة والنيران وآلات السلاح فقد استولت عليه الصفراء، أو بالحمرة والحلاوات والرعاف فقد استولى عليه الدم، أو بالبياض والمياه فالبلغم، أو بالموتى والسواد والاغوار والأودية والمواضع الموحشة فالسوداء. وأما تفرق الاتصال فإن كان ظاهرا فعلاماته محسوسة ولا استدلال عليه، ومما يتعين معرفته كون المرض حارا ليلطف له الغذاء ويستعد فيه للبحران لعدم انقضائه بدونه بخلاف المزمن فإنه يحتاج فيه إلى تغليظ الغذاء أو يذهب بالتحليل ويتميز الحار بكونه صفر أويا غالبا فلا يعترض بنحو شطر الغب وبقصر النوبة وتخلخل السحنة وكونه في سن الحرارة وزمنها ومكانها وصناعتها والزمن بعكس ذلك غالبا في الطرفين ومن ذلك ما يخصص الأوقات فان العلامات قد تكون على بعض الأوقات الأربعة لا كلها، لكن قد وقع الاتفاق على