تذكرة أولى الألباب - الشيخ داود الأنطاكي - ج ٣ - الصفحة ٢٩
نقل المزاج الفاسد إلى مزاج صالح في الغاية وهذا يتم بطول في التدبير وملازمته ووقوف عند رأى الفاضل الحاذق أو يريد مجرد الرجوع إلى ما به يعد صحيحا في الجملة، وهذا يكون بالتزام ما ذكرنا من الأسباب كلها على الوجه المذكور. ومن الناس من يصح صيفا مثلا دون غيره فيستعمل المسخنات فان بها صلاحه قطعا وكذا الكلام في السن والصناعة وباقي الطوارئ ويجب تعاهد الاستفراغ وتفتيح السدد وتنقية التخم وأخذ المعاجين الكبار كالمثرو والسطير أو أخذ التين والقرطم بحالها والكموني عند حدوث الرياح ودواء المسك عند الخفقان ومعجون العنبر عند تغير الرأس والقئ عند الامتلاء وفرط السكر والرياضة عند حدوث الكسل، وعلى السمين هجر الحلو واللحم وتكثير الحوامض والمشي والشرب على الريق، وعلى المهزول عكس ذلك، ومن أسرع إليه المرض فجأة ثم صح بأدنى سبب فليحذر على مزاجه ولا يدعه هملا فإنه لطيف وأقل ما يجب تدارك البدن في رؤوس الفصول فان الصحة فيها سريعة التغير لشدة تأثير الزمان في الكون.
* (فصل في العلامات الدالة على تغير المزاج) * لاشك أن الحرارة متى زادت في البدن كان الملمس حارا ويلزمها اسوداد الشعر وغزارته وكدورة اللون فان كثرت في الرأس كان ذلك أكثر ولزمها حمرة العين وحرقانها والصداع وامتلاء العروق والتهييج أو في البدن فان خصت الكبد لزمها الهزال والعطش والصفرة وحبس البراز وثقل الموضع أو المعدة فسوء الهضم والغثيان والبخار الدخاني وقوة الهضم للأشياء الغليظة مع نقص الشهوة أو الرئة فسرعة النفس والاستلذاذ بالبارد وجهارة الصوت أو الأنثيين فغزارة المنى وبياضه.
وأما سرعة النبض وتشويش الافعال واختلاط الذهن وسرعة الحركات والكلام فمن لوازم مطلق الحرارة وإن الرطوبة يلزمها لين البدن والثقل والكسل وسبوطة الشعر وكثرته وقلة العطش وكثرة البول والعرق ولين الطبيعة والنوم والتمطي والسمن فان خصت الرأس لزمها كثرة الدمعة واللعاب والمخاط وثقل الحواس أو الصدر والرئة فكدورة الصوت وغلظه وكثرة لحم العنق والصدر وشعره أو المعدة ففساد الهضم والازلاق والجشاء أو القلب فالجبن وقلة الاعتناء بالأمور ولين النبض وانتفاخ الشريان أو للكبد فادرار البول ولين البدن خصوصا الجانب الأيمن أو الأنثيين فرقة المنى مع كثرته وإلا عراض عن الشاهية في وسط الجماع، وضد الحار علامات البارد والرطب اليابس.
وأما الأخلاق فالشجاعة والغضب والحمق وسوء الظن والبطش وقلة الحياء من لوازم الحرارة واليبس وبالعكس في الآخرين. وأما ما يظهر من الفم بعد النوم فالمرارة من لوازم الحر واليبس والحلاوة للحر والرطوبة والتفاهة للبرد والرطوبة والحموضة له ولليبس. وقد يستدل من رؤية المنامات على تعيين الخلط، فان من احتلم برؤية الأشياء المصفرة والنيران وآلات السلاح فقد استولت عليه الصفراء، أو بالحمرة والحلاوات والرعاف فقد استولى عليه الدم، أو بالبياض والمياه فالبلغم، أو بالموتى والسواد والاغوار والأودية والمواضع الموحشة فالسوداء. وأما تفرق الاتصال فإن كان ظاهرا فعلاماته محسوسة ولا استدلال عليه، ومما يتعين معرفته كون المرض حارا ليلطف له الغذاء ويستعد فيه للبحران لعدم انقضائه بدونه بخلاف المزمن فإنه يحتاج فيه إلى تغليظ الغذاء أو يذهب بالتحليل ويتميز الحار بكونه صفر أويا غالبا فلا يعترض بنحو شطر الغب وبقصر النوبة وتخلخل السحنة وكونه في سن الحرارة وزمنها ومكانها وصناعتها والزمن بعكس ذلك غالبا في الطرفين ومن ذلك ما يخصص الأوقات فان العلامات قد تكون على بعض الأوقات الأربعة لا كلها، لكن قد وقع الاتفاق على
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 صفة خواتم الملوك السبعة وبخوراتهم 4
3 حرف الياء 5
4 حرف الكاف 6
5 فصل في الحد والموضوع 7
6 فصل في أولها وهي العناصر 7
7 فصل في ثانيها وهو المزاج 8
8 حرف اللام 14
9 حرف الميم 16
10 فصل في العلامات الدالة على تغير المزاج 29
11 حرف النون 43
12 حرف السين 53
13 الفصل الأول في سبب انقسامها وانحصارها 53
14 فصل في النواميس وكيفية أعمالها 62
15 فصل في المحاريق وكيفية أعمالها 65
16 فصل في التعافين 65
17 فصل في المراقيد 67
18 فصل في عمل النيرنجيات 67
19 باب في الإخفاء 68
20 حرف العين 70
21 علم الحرف 89
22 في معرفة التصرفات بالأوفاق العددية واستخراج الأعوان العلوية 93
23 فصل في استخراج أسماء الملوك العلوية وأسماء الأعوان السفلية 94
24 علم منازل القمر وما يتعلق به والكواكب وما يتعلق بها وغير ذلك 101
25 فصل في أن الآدمي فيه شبه كل شيء من العالم السفلى والعلوي 104
26 فصل في ذكر ملحمة مباركة على الكواكب السبعة السيارة 106
27 فصل في الأوقاف السعيدة والأوقات النسخة وساعاتها 111
28 باب في ذكر التهاييج 113
29 حرف الفاء 127
30 حرف الصاد 138
31 حرف القاف 144
32 حرف الراء 147
33 باب فيه نكت وغرائب في ضرب المسائل لمن أراد سفرا أو غير ذلك 169
34 فصل في معنى الولد والبحث عنه ذكر هو أم أنثى 169
35 فصل في معرفة الضمير 169
36 فصل في الخصومة 169
37 فصل في السفر البحر 169
38 فصل في صفة سؤال المريض عن مرضه 170
39 باب المفردات والكلام عليها 170
40 فصل في إخراج الاسم 171
41 فصل في معرفة الوضع 172
42 حرف الشين المعجمة 172
43 حرف التاء المثناة 179
44 حرف الثاء المثلثة 181
45 حرف الخاء المعجمة 182
46 حرف الدال المعجمة 183
47 حرف الضاد المعجمة 183
48 حرف الظاء المعجمة 183
49 حرف الغين المعجمة 184
50 خاتمة في نكت وغرائب ولطائف وعجائب 185
51 فصل في كيفية هضم الغذاء وفساده 191
52 فصل في مقدار الماء الذي يشربه المهموم عند العطش 191
53 فصل في الفصد والاستفراغ والجذب ودوائها 191
54 فصل في المعاجلة بالدواء الواحد خير من المعاجلة بالمركب 192
55 فصل في كان حكماء اليونان إذا أشكل عليهم حال المريض خلوا بينه وبين الطبيعة 192
56 فصل إذا قال الأطباء كزرة يابسة فمرادهم حشيشتها لا بزرها وفوائد مختلفة 192
57 فصل في كيفية محبة الرجال والنساء 192
58 فصل في علاج من سقى المرتك 193
59 دعاء آخر السنة 196
60 فصل في التحييرات المجربة 197