* (تتمة تشتمل على أمور مستلطفة وغرائب مستظرفة يعول في هذه الصناعة عليها ويميل كل طالب فائدة إليها) * الأولى في بقايا ما يرد على المزاج والبدن من خارج فيلحقه بعد صحته بالمرضى وقد عدتها الأطباء من الأمراض وليست في الحقيقة منها لعدم تعلقها بشئ مما ذكر، فأما الوارد على المزاج وحده فهو التكدر النفساني ويسمى الانزعاج وبمصر يسمى الخضة وبسببه تحدث أمراض كثيرة وحقيقته نكد منبعث يرد على القوى وهى غير مستعدة فيعطل أفعالها الطبيعية وأشده ما ورد على الدواء والصوم والصفراء وبعد غذاء ردئ الكيفية كالباذنجان لان الحرارة تصعد ما أحالته بشدة غليانها إلى أقصى البدن وقد انقلب سما فإن كان عن صفراء خرج نحو الحب والنار الفارسي والنملة أو عن سوداء فالاحتراقات والقوابي والجذام أو بلغم فكالفالج وأوجاع المفاصل وقطع الشهوة والسل والطمث أو دم فكالأورام الشديدة والبرسام وقد يظهر في البدن صفة المأكول إذا وقع بعد إحالة الهاضمة كالشيب والبرص دفعة لمن أكل اللبن وأشد الناس تأثرا بهذه أهل البلاد الحارة المرطوبة اللطيفة الماء والهواء كمصر (العلاج) تجب المبادرة أولا إلى القئ بالماء والعسل ثم اللبن والشيرج به أيضا ثم الفصد ثم أخذ الأشربة المقوية للأعضاء والقلب مثل الفواكه والكادى والديناري وما ركب من الصندل واللؤلؤ والخولان والسكنجبين أيها وجد ويغتذى في يومه بذلك الغذاء الذي وقع فساده بعد التنظيف فإنه يفعل بالخاصية، ولترياق الذهب فائدة جليلة في ذلك، والسفرجل منقوعا في الشراب وحب الآس في ماء الورد والعود الهندي مع الكسفرة وقشر الأترج كل ذلك مما جربناه وعلى المراضع تنظيف الثدي من اللبن المتحصل وقت ورود التغير وإلا حل بالأطفال ما ذكر، وأما ما يرد على البدن وحده فالمصادمات من ضربة أو سقطة أو حرق أو كسر أو خلع فأما الضرب فإن كان بالسياط كفى فيها لف البدن في الجلود حال سلخها والتغميز بدهن الورد وسحيق اللاذن والصندل والفلفل والآس ودهن الورد والماميثا والسرو والطين فان شدخت أو رضت أكثر من الصندل والآس فالورد أو كانت على العصب فمن الزيت والخمر العتيق بالقطن وإن حبست دما حلله بمامر وأما الحرق والكسر والجبر والخلع فتقدمت في بابها.
* (حرف الميم) * [مفاصل] قد تطلق ويراد بها على ما سيأتي وما تقدم ما عم من البدن كله من الرأس إلى القدم وقد يحصون منها مواضع يسمونها الأمراض الظاهرة وفيها أحكام الزينة وغيرها وكل يأتي في موضعه إن شاء الله تعالى وتقدم الكلام على بعضها في حرف الجيم. واعلم أن هذه الأمراض الغالب على مادتها أصالة البرد وربما تكون من غيره، وتقرير أصلها أن الدماغ للبدن كقبة الحمام تتراقى إليه الأبخرة وتتكاثف فتزيد لقلة التنقية وطول الزمان وتعجز عن تصريفها الطبيعة فتسيل فان اندفعت من منافذه فنحو الزكام أو تحيزت في أحد جانبيه فكالشقيقة واللقوة أو نفذت إلى البدن فان خصت جانبا فمثل الفالج وسيأتى الكل مستوفيا أو عمت المفاصل فمع ظهورها للحس صلبة التعقد ورخوة التهيج وعد منه وجع المفاصل أو أزالت الفقرات فإلى أحد الجانبين التواء وغيرهما حدبة أو اختصت بالعظام المجوفة فرياح الأفرسة وإن تنازلت إلى النصف السافل فأوجاع الورك والخاصرة أو عمت رجلا واحدة فعرق النساء أو انحازت في الابهام خاصة فالنقرس أو قرحت الساق مع الورم فداء الفيل أو أحدثت عروفقا ذات تلافيف ما دونه فالدوالي ويأتي تفصيل كل ويستدل على مزاجها بعلامات الخلط الغالب إن كانت منه فإن كانت من الرياح فعلاماتها الانتفاخ ولين الغمز وقلة الوجع،