المولد وهذا تصريح بوجود العاقدة في منى المرأة ورده الشيخ بعدم اللزوم لعدم الانتاج واشتراط عدم الاتحاد للمولد والولد فان الكبد تولد الصفراء والسوداء والبلغم ولا تشاكل أحدها. ثم إن جالينوس فهم أيضا عن المعلم أنه يقول في منى الذكر ليس جزءا من الجنين فأخذ في التشنيع أيضا محتجا على أنه جزء وإن كان الرحم يشتاقه بالطبع ويعسر انزلاقه منه إذا أريد ذلك وأنه خلق خشنا ليمسكه وإلا لكان تخشينه عبثا هذا حاصل ما قاله وهو يدل على غاية الجهل بصناعة القياس بشهادة كل عاقل بعد تألف هذه المقدمات لا نتاج المطلوب لان الرحم يجوز أن يكون تشوقه إلى المنى لالينعقد فيه بل ليسخنه مثلا أو يعيد دم الحيض مزاجا صالحا ثم يدفعه كما تصنع الأعضاء بالغذاء أو أنه يفسد بعد فيدفعه، وأما خشونته لا مساكه فمن الجائز أن يكون ذلك الامساك لما ذكرنا لا للانعقاد هذا كله بناء على أن يكون المعلم قال ذلك وهو باطل أنشأه سوء الفهم والعجب منهم كيف نقلوا هذا ولو كنت أولا لحذفته. إذا عرفت هذا فاعلم أن المعلم يقول ليس في منى المرأة قوة عاقدة استقلالا ولا تدفق أصلا وهاتان ملازمتان لمنى الرجل، وأما البياض واللزوجة واللذة فقد توجد في مائها وقد لا توجد فان اعتبرنا أصول هذه الصفات كلها دائما فلا منى إلا للرجل لأنها تلازمه دائما وأما المرأة فالأغلب في منيها الرقة والصفرة وقول جالينوس إن وجود البيضتين فيها يستلزم غلظ المنى وبياضه فغير صحيح لصغرهما فيها ودقة العروق وضعف الهضم وخفة الحرارة الموجبة لما ذكرنا وكأنه فهم أن البياض واللزوجة يستندان إلى مجرد وجود البيضتين دون الصفات المذكورة وهذا سوء تأمل ومثله استدلاله باستفراغ صاحبة الاختناق وما علم أن الاحتباس الطويل يغلظ الرقيق ويبيضه لطول الحرارة فقد أو ضحنا في الأسباب أن الحرارة الضعيفة تفعل في الزمن الطويل ما لا تفعله القوية في القصير وهو بحث لم أسبق إليه. وأما احتلامها وسيلان الماء فيه فلا يوجب مساواة الذكور لاستناده إلى ما ستقف عليه من أسباب الاحتلام فلو كان الاحتلام شرطا في وجود المنى للزمه القول بعدمه فيمن لم يحتلم أصلا وهو محال وهذا أيضا من مبتكراتنا، نعم ما طعنوا فيه من أن المرأة لو كان في منيها قوة عاقدة لزم أن تحبل من احتلامها بلا ذكر تعسف لأنه من الجائز أن تكون فيه قوة نافعة متوقفة على القوة التي في الذكور كالانفحة في انعقاد اللبن ولان له الجواب بالمعارضة بأن يقول قائل أجمعتم على القوة العاقدة في الذكور فما باله لم يخلق لو وضعناه في محل كالرحم في الحرارة وغيرها. إذا عرفت هذا فتدبير الماء على وجه الصحة يكون بتحسين الأغذية وتلطيفها وتنقية البدن من الاخلاط الحادة ليكون المنى حلوا لزجا غير متخلخل ولا متقطع ولا يابس ليكون الناتج عنه مقعودا على الصحة الأصلية سليما من الأمراض الجبلية فإذا طرأ عليه شئ بعد ذلك سهل دفعه، ونحن الآن نتكلم على ما يعرض له من الأمور التي توجب تعديله فنقول: حقيقة المنى ماء كالعجين يتدفق وينعقد إذا ترك في الهواء أبيض إذا صح في الذكور مائل إلى الصفرة في النساء لا يخرج دون لذة وتدفق في صحة أصلا (والمذي) ما يقرب من المنى إلا أنه لم يدبق باليد ويخرج عند الملاعبة من غير إرادة (والوذى) دونه في الرقة ويخرج بعد الجماع كذلك (والودي) بالمهملة رقيق جدا ويخرج بعد البول وقيل العكس وهذه الأربعة متى كثر خروجها دون إرادة فلا فراط كيفية أو خلط وتعلم بالغلظ في البارد والرقة في الرطب والصفرة في الصفراء والكمودة في السوداء وهكذا أو لا متلاء وطول العهد بالجماع وتوالى أغذية منوية وتعلم بكمية الخارج أو لفساد أو عيتها وتعلم بمامر (العلاج) يبدأ بالتعديل وإصلاح ما فسد وتقليل الغذاء إن كان منه وكثرة الجماع إن كان عن قلته وتبريد الحار بنحو الخس والرجلة وحى العالم والطباشير والبلوط ويسخن البارد بنحو السذاب
(٣٥)