أن زمان الابتداء لا علامة له لأنه في الصحيح عبارة عن ظهور الاحساس وهو معلوم وما قيل إن المبدأ بعد ثلاث من المشتكى مردود بحمى يوم أو أن المبدأ هو الآن الذي لا آخر له مردود ببطلان الباقي من الأوقات، والذي أقوله إن المبدأ له علامات وهى تغير النبض والمزاج وصبق العرض والسبب ونحوها. وأما الثلاثة فتؤخذ إما من النوب فإنها تطول في التزايد وتقصر في الانحطاط وتعدل بالنسبة إليهما في الانتهاء أو من الاعراض كالحمى والناخس وضيق النفس والسعال أو منشارية النبض في ذات الجنب وموجبته في ذات الرئة والنفس في الحمى فان هذه تزيد في الزيادة وتنقص في الانحطاط وهكذا، والعرض يدل على هذه الأوقات لازما كان كالمذكورة أو مفارقا مناسبا كان كالعطش والصداع في الحاز أو غيره كالغثيان والفواق في الحمى فإنهما فيها غريبان لم يصدرا إلا عن انصباب مادة إلى القلب كذا قاله الملطي وهو مردود في الغثيان فإنه مناسب لهما قطعا والارعراض اللازمة تسمى عند أبقراط مقدمات المرض وبقاؤها في فترات النوب علامة صحيحة على تزايد المرض وكذا تقدم النوبة وبالعكس والفترات في الطول والقصر عكس النوب في الدلالة على الأزمنة والاعراض اللازمة تسمى النضج فان نقصه زيادة دليل على التزايد وبالعكس ثم النضج والاعراض في باب العلامات أنفع من غيرهما لدلالتهما على نحو الحمى الدائمة بخلاف الباقي. إذا عرفت ذلك فاعلم أن العلامات إلمذكورة تختلف بحسب الذكورة والأنوثة لما عرفت من أن الذكورة أحر، وإذا رأيت مرضا حارا مثلا في الثالثة اعترى ذكرا وأنثى لم يكن علاجهما واحدا لا حتياج الذكر إلى مزيد تبريد وخطره فيه بخلافها وكذا ينبغي في حفظ الصحة أن يلاحظ المناسب، وقد استدلوا على مزيد حرارة الذكورة بانعقادها في الأكثر من منى الشباب ومن يستعمل الحرارات وفى الجانب الأيمن وأنها أسرع تكونا وأحسن ألوانا حتى الحامل به أصفى وأنشط، وأن لحم الذكر أصلب وأحر وفضلاته أحد رائحة ودم النفاس فيه أقل لقوة هضمه والإناث بالعكس في كل ذلك، وأيضا بحسب السحنة فإنها كثيرة الفائدة في هذا الباب فان الدال على الحرارة منها كالنحافة وسعة العروق وكثرة العرق من أدنى موجب يسمى متحللا وسبيله في الصحة بتغليظ الغذاء أو قلة الرياضة، وفى المرض جعل الدواء ضعيفا والاقتصار على القليل منه والدال على البرد بالعكس ويعرف بالمنذر ويتبعها القول بالسمن فان إن كان شحميا وجب ازدياد صاحبه من التسخين وقلة الفصد أو لحميا فبالضد وسواء في ذلك الطبيعي وغيره. وأما الألوان فقد علمت الحق فيها لكن قد انتخب الأطباء من اللون والسحنة علامات ضمنها أبقراط تقدمة المعرفة وهى أن الوجه واللون متى بقيا خصوصا بعد طول بحالهما الطبيعي فالمآل إلى السلامة ومتى احتد الانف وغارت العين ولطئ الصدر وبرزت الاذن وامتدت جلدة الجبهة وصلبت وانكمد اللون أو اخضر ولم يتقدم موجب لذلك غير المرض من سهر وإسهال وجوع فالموت لا محالة لقهر الغريزية وجفاف الرطوبة وكذا الدمعة وكراهة الضوء والرمص وحمرة بياض العين وصغر أحدهما أو كان فيهما عروق سود وكثر اضطرابهما وتقلص الجفن والتواؤه وكذا الشفة والأنف لدلالة الالتواء في هذه على سقوط في القوة وقرب الموت وكذا الاضطراب على الوسادة وكثرة الاستلقاء مسترخيا وبرد القدمين وفتح الفم حالة النوم واشتباك الرجلين وتثنيهما فيها والوثوب للجلوس من غير إرادة خصوصا في ذات الرئة. وأما النوم على الوجه وصرير السن بلا عادة سابقة فدليل اختلاط إن صحبته علامات الموت فردئ وإلا فلا، ومما صحت دلالته على الموت جفاف القروح النازفة وميلها إلى كمودة أو صفرة شلا نطفاء الحرارة وجفاف المواد وكذا حركة اليدين في الحارة وأمراض الرأس والعرق البارد في الحارة إذا خص الرأس
(٣٠)