مختلف النظام هذا ما ذكروه، وفى الحقيقة شالاصح عندي أن الأجناس هي المقدار والحركة والاستواء والاختلاف خاصة والباقي متداخل كما عرفت نعم ينقدح في النفس استقلال الخامس وإن رده بعضهم لمامر من تفاصيله. إذا عرفت ذلك فاعلم أن في النبض طبيعة موسقيرية لا يمكن استقصاء الاحكام فيه بدونها وهى في الأكثر تخص الجنس التاسع لان المركبات كلها عنه بالنسب الكائنة في الايقاع وتقدم الكلام عليه في الحرف الذي قبل هذا في الموسقيرى وأيضا فيه الأجناس المركبة في قولنا مسلى. والآن نتكلم على باقي الأجناس وهى غير التي تقدمت أجناس أخر (أحدها الغزالي) وهو المتحرك بحركة يسكن بعدها ثم يتحرك أسرع من الأولى فان طال السكون الواقع في الوسط سمى منقطعا وإنما سموه بالغزالي لأنه يطفو على الأرض ويسكن في الجو وينزل مسرعا وبدل هذا على ضعف القلب واختلاف حركاته والغشى واستيلاء الخلط الحار (وثانيها ذو العزة) وهو الساكن حيث تطلب الحركة ويدل كالأول على استفراغ الخلط البارد إلى نواحي القلب (وثالثها الواقع في الوسط) وهو عكسه (ورابعها المطرقي) وهو نبضة كنبضات والعكس وسمى بذلك لسرعة ارتفاعه وهبوطه كالمطرقة وأطلقوا تعريفه كالسابعة، والحق ما نبه عليه الفاضل الملطي من أن هذا النوع لا يتركب عن سوى المقدار والحركة ويدل على قوة القوة ومزاج القلب وفرط اليبس ويكون عن خفقان وفى الحمل يل على الاسقاط فهذه الأجناس الخاصة، أما الكائنة في النبضات الكثيرة فهي أيضا أنواع: منها ذنب الفأر وهو نبض يدق تدريجا إلى حد ثم يعود كذلك فيغلظ من حيث دق ويندرج رجوعا أو كالأول وعلى الحالتين إما أن يستو في الدور وهو الكامل أو ينقطع دونه وهو الناقص ويقال له الراجع والعائد ولعكسه المتصل وهذا ينقسم فيما حرروه إلى ستين قال الإمام الرازي في حواشي القانون لا ينحصر وإنما المشهور منه ما استوفى الأدوار وهو المقتضى والعائد والراجع والواقف والمنقطع هذا كله في النبضات وقد يكون ذلك بالنسبة إلى المقدار فيعظم أو يطول أو يعرض أو يشرف أو ينعكس أو يعتدل بين ذلك وكلها إما في نبضة أو أكثر وكل إما باستواء أو اختلاف وكل إما مع نظم أو بلا نظم فهذه مائتان وستة عشر فإذا ضربتها في أقسام الحركة بلغت ستمائة وثمانية وأربعين وهكذا المجموع في باقي الجناس وبه يتضح ما قلناه ومثال المنتظم أن يضرب النبضات على نمط دور ثم آخر مثله والمختلف بالعكس وقد ينتظم نبضتين عظيمتين ثم صغيرتين ثم عظيمة ثم صغيرة ثم يعود إلى الأول ويقال لهذا منتظم الأدوار مختلف العدد وكلما كثر الاختلاف دل على اختلاف أحوال البدن والقوى وعجز الطبيعة عن التصرف، وأما تقرير الأسباب الموجبة للأصناف المذكورة فإنه لا خلاف بين العقلاء في توقف التأثير والتأثر على القابلية والفاعلية والزمن الموفى لتمام ذلك ولا شك أن النبض فيه فاعل هو الحرارة وقابل هو العرق ويسمى الآلة وداع إلى ذلك هو الحاجة إلى الترويح فإذا اشتدت الثلاثة عظم النبض ضرورة لكن مع لين الآلة يثقل الانبساط فان عدم اللين كانت السرعة والصلابة سببها البرد ولو من خارج، والنبض القوى سببه اعتدال الآلة مع قوة القوة ومن ثم كان الموجى دليل العرق في البحارين وما سوى العرق فيها فنبضه صلب كذا قرره الفاضل الملطي جامعا بين التناقض الحاصل بين الشيخ وجالينوس فقد قرر الشيخ أنه يصلب في البحارين وجالينوس أن الموجى ينذر بالعرق ومن عد هذا تناقضا فقد أخطأ لان الحكم على المجموع لا ينافي خروج بعض أفراده كالجميع. وحاصل الامر أنه إذا دل على شئ فلابد أن يتقدم ما يوجبه وكل نوع مما ذكر فسببه معلوم مما تقدم ضرورة كعلمنا بأن ذا الفترة سببه عجز القوة والمائل انتباهها في آخره والنملى سقوطها وهكذا. وأما سبب انقسامه
(٤٦)