تذكرة أولى الألباب - الشيخ داود الأنطاكي - ج ٣ - الصفحة ٤٦
مختلف النظام هذا ما ذكروه، وفى الحقيقة شالاصح عندي أن الأجناس هي المقدار والحركة والاستواء والاختلاف خاصة والباقي متداخل كما عرفت نعم ينقدح في النفس استقلال الخامس وإن رده بعضهم لمامر من تفاصيله. إذا عرفت ذلك فاعلم أن في النبض طبيعة موسقيرية لا يمكن استقصاء الاحكام فيه بدونها وهى في الأكثر تخص الجنس التاسع لان المركبات كلها عنه بالنسب الكائنة في الايقاع وتقدم الكلام عليه في الحرف الذي قبل هذا في الموسقيرى وأيضا فيه الأجناس المركبة في قولنا مسلى. والآن نتكلم على باقي الأجناس وهى غير التي تقدمت أجناس أخر (أحدها الغزالي) وهو المتحرك بحركة يسكن بعدها ثم يتحرك أسرع من الأولى فان طال السكون الواقع في الوسط سمى منقطعا وإنما سموه بالغزالي لأنه يطفو على الأرض ويسكن في الجو وينزل مسرعا وبدل هذا على ضعف القلب واختلاف حركاته والغشى واستيلاء الخلط الحار (وثانيها ذو العزة) وهو الساكن حيث تطلب الحركة ويدل كالأول على استفراغ الخلط البارد إلى نواحي القلب (وثالثها الواقع في الوسط) وهو عكسه (ورابعها المطرقي) وهو نبضة كنبضات والعكس وسمى بذلك لسرعة ارتفاعه وهبوطه كالمطرقة وأطلقوا تعريفه كالسابعة، والحق ما نبه عليه الفاضل الملطي من أن هذا النوع لا يتركب عن سوى المقدار والحركة ويدل على قوة القوة ومزاج القلب وفرط اليبس ويكون عن خفقان وفى الحمل يل على الاسقاط فهذه الأجناس الخاصة، أما الكائنة في النبضات الكثيرة فهي أيضا أنواع: منها ذنب الفأر وهو نبض يدق تدريجا إلى حد ثم يعود كذلك فيغلظ من حيث دق ويندرج رجوعا أو كالأول وعلى الحالتين إما أن يستو في الدور وهو الكامل أو ينقطع دونه وهو الناقص ويقال له الراجع والعائد ولعكسه المتصل وهذا ينقسم فيما حرروه إلى ستين قال الإمام الرازي في حواشي القانون لا ينحصر وإنما المشهور منه ما استوفى الأدوار وهو المقتضى والعائد والراجع والواقف والمنقطع هذا كله في النبضات وقد يكون ذلك بالنسبة إلى المقدار فيعظم أو يطول أو يعرض أو يشرف أو ينعكس أو يعتدل بين ذلك وكلها إما في نبضة أو أكثر وكل إما باستواء أو اختلاف وكل إما مع نظم أو بلا نظم فهذه مائتان وستة عشر فإذا ضربتها في أقسام الحركة بلغت ستمائة وثمانية وأربعين وهكذا المجموع في باقي الجناس وبه يتضح ما قلناه ومثال المنتظم أن يضرب النبضات على نمط دور ثم آخر مثله والمختلف بالعكس وقد ينتظم نبضتين عظيمتين ثم صغيرتين ثم عظيمة ثم صغيرة ثم يعود إلى الأول ويقال لهذا منتظم الأدوار مختلف العدد وكلما كثر الاختلاف دل على اختلاف أحوال البدن والقوى وعجز الطبيعة عن التصرف، وأما تقرير الأسباب الموجبة للأصناف المذكورة فإنه لا خلاف بين العقلاء في توقف التأثير والتأثر على القابلية والفاعلية والزمن الموفى لتمام ذلك ولا شك أن النبض فيه فاعل هو الحرارة وقابل هو العرق ويسمى الآلة وداع إلى ذلك هو الحاجة إلى الترويح فإذا اشتدت الثلاثة عظم النبض ضرورة لكن مع لين الآلة يثقل الانبساط فان عدم اللين كانت السرعة والصلابة سببها البرد ولو من خارج، والنبض القوى سببه اعتدال الآلة مع قوة القوة ومن ثم كان الموجى دليل العرق في البحارين وما سوى العرق فيها فنبضه صلب كذا قرره الفاضل الملطي جامعا بين التناقض الحاصل بين الشيخ وجالينوس فقد قرر الشيخ أنه يصلب في البحارين وجالينوس أن الموجى ينذر بالعرق ومن عد هذا تناقضا فقد أخطأ لان الحكم على المجموع لا ينافي خروج بعض أفراده كالجميع. وحاصل الامر أنه إذا دل على شئ فلابد أن يتقدم ما يوجبه وكل نوع مما ذكر فسببه معلوم مما تقدم ضرورة كعلمنا بأن ذا الفترة سببه عجز القوة والمائل انتباهها في آخره والنملى سقوطها وهكذا. وأما سبب انقسامه
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 صفة خواتم الملوك السبعة وبخوراتهم 4
3 حرف الياء 5
4 حرف الكاف 6
5 فصل في الحد والموضوع 7
6 فصل في أولها وهي العناصر 7
7 فصل في ثانيها وهو المزاج 8
8 حرف اللام 14
9 حرف الميم 16
10 فصل في العلامات الدالة على تغير المزاج 29
11 حرف النون 43
12 حرف السين 53
13 الفصل الأول في سبب انقسامها وانحصارها 53
14 فصل في النواميس وكيفية أعمالها 62
15 فصل في المحاريق وكيفية أعمالها 65
16 فصل في التعافين 65
17 فصل في المراقيد 67
18 فصل في عمل النيرنجيات 67
19 باب في الإخفاء 68
20 حرف العين 70
21 علم الحرف 89
22 في معرفة التصرفات بالأوفاق العددية واستخراج الأعوان العلوية 93
23 فصل في استخراج أسماء الملوك العلوية وأسماء الأعوان السفلية 94
24 علم منازل القمر وما يتعلق به والكواكب وما يتعلق بها وغير ذلك 101
25 فصل في أن الآدمي فيه شبه كل شيء من العالم السفلى والعلوي 104
26 فصل في ذكر ملحمة مباركة على الكواكب السبعة السيارة 106
27 فصل في الأوقاف السعيدة والأوقات النسخة وساعاتها 111
28 باب في ذكر التهاييج 113
29 حرف الفاء 127
30 حرف الصاد 138
31 حرف القاف 144
32 حرف الراء 147
33 باب فيه نكت وغرائب في ضرب المسائل لمن أراد سفرا أو غير ذلك 169
34 فصل في معنى الولد والبحث عنه ذكر هو أم أنثى 169
35 فصل في معرفة الضمير 169
36 فصل في الخصومة 169
37 فصل في السفر البحر 169
38 فصل في صفة سؤال المريض عن مرضه 170
39 باب المفردات والكلام عليها 170
40 فصل في إخراج الاسم 171
41 فصل في معرفة الوضع 172
42 حرف الشين المعجمة 172
43 حرف التاء المثناة 179
44 حرف الثاء المثلثة 181
45 حرف الخاء المعجمة 182
46 حرف الدال المعجمة 183
47 حرف الضاد المعجمة 183
48 حرف الظاء المعجمة 183
49 حرف الغين المعجمة 184
50 خاتمة في نكت وغرائب ولطائف وعجائب 185
51 فصل في كيفية هضم الغذاء وفساده 191
52 فصل في مقدار الماء الذي يشربه المهموم عند العطش 191
53 فصل في الفصد والاستفراغ والجذب ودوائها 191
54 فصل في المعاجلة بالدواء الواحد خير من المعاجلة بالمركب 192
55 فصل في كان حكماء اليونان إذا أشكل عليهم حال المريض خلوا بينه وبين الطبيعة 192
56 فصل إذا قال الأطباء كزرة يابسة فمرادهم حشيشتها لا بزرها وفوائد مختلفة 192
57 فصل في كيفية محبة الرجال والنساء 192
58 فصل في علاج من سقى المرتك 193
59 دعاء آخر السنة 196
60 فصل في التحييرات المجربة 197