والأكثر فيما قالوا خمسمائة وهو بعيد ولا يجوز في مدة الرضاع أخذ غير اللبن لعجز الطبيعة حينئذ عن تأليف غذاء متشابه من جواهر مختلفة وتعالج المرضعة إذا احتاجت كما مر في الحامل فإن لم يكن ولا بد من دواء قوى فلا ترضع يومه وكذا يجب الرفق بعلاج الأطفال عند عروض ما يخصهم من الأمراض كورم اللثة خصوصا يوم نبات السن والاستطلاق كذلك لكثرة ما يرتضعونه وكون حركاتهم غير طبيعية ولاشتغال الطبيعة عن الهضم بتكوين السن وكالرياح والقراقرفان أمكن إزالة ما حدث بدهن وغمز فلا يعدل إلى دواء أو بتبريد الحرارة والقلاح بنحو العناب وبزر الرجلة فلا يعدل إلى نحو اللينوفر والبنفسج أوبهما فلا يعدل إلى ماء الشعير أو تحليل الرياح بنطول الحلبة والبابونج أو دهنه فلا يعدل إلى الكمون والصعتر أو بهما فلا حاجة إلى نحو الحلتيت والأشق وما يصنع الآن بمصر من المحكوكات خطر وأخطر منه قطع الاسهال بسقى المرتك فإنه سم [تدبى الفطام] ويسمى الانتقال الثاني لأنه بالنسبة إلى الرضاع انتقال آخر. يجب عند تمام الحولين فطم المولود من اللبن لالانه يضر بعدهما كما هو مشهور بل لعدم الاكتفاء به لطلب الأعضاء غذاء يقوم بها فلو أضيف الرضاع إلى غيره جاز لكن لا يجاوز الثالثة لفساد اللبن كما مر، وينبغي إيقاع الفطام عند انتقال الشمس أو القمر إلى البروج الرطبة في غير الأوقات الصيفية لئلا تجف الأعضاء بمفارقة اللبن فتصلب وتمنع النمو ويعطى حال الفطام ما قارب اللبن في الطبع كمستحلب الفستق والجوز بالسكر مدة ثم تغلظ تدريجا بنحو النشا والكثيرا ويغسل كلما اشتد الحر ولا يمكن من كثير حركة ولا لعب حذرا من الجفاف وتطرق الآفة لسرعة قبوله للانفعال حينئذ. واعلم أن أشد ما ينكى الطفل الحركات النفسية لنقص التصور والتعقل فيجب المبالغة في منعهم بفعل ما يميلون إليه بدار أو ترك ما ينفرون منه ويستمر ذلك إلى الدخول في السابعة ويلزمون الأدب والتمرين على مبادى النواميس الإلهية الشرعية شيئا فشيئا إلى العاشرة فيراضون بالحساب ونحوه من تعلقات الفكرثم ما يراد منهم من الصناعات المعاشية إلى التمييز الحقيقي فيؤمرون بالنظر في العلوم والفضائل ويعرفون أحكام السياسة والأخلاق على الوجه الأكمل وسيأتى تدبير الصحة والنوم وغير ذلك في التدبير العام. وأما الشباب فمتى دعت الحاجة فيه إلى إخراج دم فعل ويتعاهد فيه التدثير والترطيب وإخراج الصفراء ما أمكن والرياضة وتفتيح السدد وقلة الشراب وكثرة الحمام والجماع. وأما الكهول فلهم الاكثار من كل حار رطب وقلة الفصد والجماع وكثرة الاستحمام. وأما المشايخ فلهم الاكثار من كل حار يابس والراحة والشراب والنوم والدلك والاستحمام وعدم الفصد والجماع [موسقيرى] ليست من الصناعات التي تتعلق باليد لان موضوعها الصوت المشتمل على الألحان المخصوصة. وقد وقع الاجماع على أن المخترع لهذا الفن المعلم الثاني وبه سمى معلما وهذا الكلام يشبه أنه ليس كذلك لما رأيناه في تراجم فرفوريوس من أنه قال للمعلم حين فرغ من المنطق هل ألفت شيئا؟ قال نعم مادونته نصف ومادته الألفاظ وبقى في النفس نصف لا يدخل الألفاظ بل هو مجرد الهواء فيكون المراد بهذا الكلام زيادة الفارابي كما وقع له في الهندسة والنحو وغيرهما من العلوم فيكون ما ألف الفارابي أبدع إذ من البعيد أن نقف نحن على لفظ يوناني ولم يقف هو عليه مع اجتهاده في ذلك وكيف كان فهو ألف وأبدع وقسم ونوع ورتب الألحان وفق الأمراض والابدان وحرر النسب الفلكية في النغم والأصوات وقد كان غناء الناس قبله اختياريا يأخذونه قياسا على نطق الحيوانات، فألطفه ما يحاكى به الطير البرى عند الصياح في الرياض المشتبكة ذوات المياه الجارية خصوصا العندليب والهزار والمطوق، ومنهم من يقيس على حركات المياه في المصاب المختلفة والنواعير والدوالي. ومنهم من يحاكى
(٣٩)