بأنه مختلف الاجزاء مشتبه المزاج لخروجه من كل عضو فيكون فيه اللحم والعظم والغشاء وغيرها وإلا اتحدت أجزاء البدن واستراح بعض الأعضاء دون بعض وهو باطل لان التشابه في الأولاد واقع فلو لم يكن المنى كما ذكر لم يقع خصوصا ونحن نشاهد الأمراض وراثة فولد الضعيف ضعيف وولد القوى قوى وكل لما ذكر. وعكس قوم فقالوا هو مختلف المزاج مشتبه الطبيعة والاجزاء لأنا نجد الشبه في المولود واقع في الشعر والظفر مع أنه لم ينفصل منهما شئ وهذا مردود بعدم حصره الشبه في ذلك فإنه قد يحدث من الوهم كما صرحوا به وصرح به الشيخ فإنه قال كل ما تخيلته الواهمة حال الانزال اتصف به الولد بل ما تخيلته المرأة زمن التخلق ولا يجوز أن ينفصل من الجزئي الذي يتكون شعرا وظفرا من المنى قالوا ولأن الماء لو اختلفت أجزاؤه لم يقع شبه في الأعضاء المركبة كالعين مع أنه واقع فان المركبات لا ترسل شيئا ويمكن رده بأن ما ترسله بسائطها كاف قالوا ومتى صح اختلاف الاجزاء وجب أن لا ينعقد واحد أصلا بل لابد من اثنين واحد من منى المرأة وآخر من منى الرجل ويمكن رده بأنهما إذا امتزجا تألف كل جزء بمثله من الامزاج كتألف المركبات بحكم الطبيعة وبهذا يبطل ما قالوه أيضا من أنه كان يجب أن تلد المرأة بلا ذكر لكون الأعضاء كاملة في منيها لأنا نقول بأن منى الذكر فاعل وذلك قابل والمجموع شرط في الظهور قالوا ولو كان التشابه منفيا بما في الاجزاء لما كان الشخص الواحد يلد ذكورا مدة ثم إناثا وهكذا ولما كان المنى الواحد يتولد منه مختلفات متعددة وهذا مردود بجواز تغير الحرارة والبرودة زمنا وسنا وغيرهما وبأن كل زرقة من زرقات المنى يجوز أن تكون مستقلة هذا حاصل كلام الفريقين وليس تحته طائل لنقض الثاني بما علمت والأول بعدم الانتاج للمطلوب. والذي يظهر لي أن الحق مع الفريق الثاني ولكنهم قصروا في استنباط الأدلة (وإيضاحها) أن تقول لو كان مختلف الاجزاء لم يولد لمقطوع اليد إلا ناقصها لعدم أجزائها ولان الشخص قد يولد له مالا يشبه أحدا من أهله ومن يشبه الأجداد كما صرح به في الشفاء في قصة الحبشة. وأما المشاكلة في الضعف والأمراض والمزاج في الجملة فالامر مستند إلى القوة المصورة كما مر ولان المنى لو لم يكن مختلف المزاج ما فسد بالطوارئ وصح بالعلاج ولو كان مختلف الاجزاء لا ختل صحيح الأعضاء حال فساد مزاجه ولو لم يختلف الماء باختلاف الغذاء حيث الأعضاء موجودة والكل باطل. إذا عرفت هذا فاعلم أن المعلم حين دون العلوم اجتهد في إخفائها ما أمكن فربما استغنى بصغرى القياس تارة وكبراه أخرى والنتيجة مرة والمجموع أخرى فاستنبط جالينوس من كلامه لقصوره في المنطق أنه ينكر منى النساء فشنع وأطال وقد أفحش الشيخ في الرد عليه حتى قال إن غلطه كان بسبب التباس قياس الجملي بالوضعي عليه ثم تصدى الرازي لاحالة الخلاف فطال هذا البحث. وحاصله أن المعلم يقول لا استقلال لمنى النساء بالتوليد لعدم انعقاده وهذا لا يدل على إنكاره ثم إن جالينوس حاول مساواة المنيين عنادا فقال نجد الولد يشبه المرأة فلو لم يكن في منيها قوة الانعقاد لم يقع الشبه وقد علمت بطلان هذا بما قدمناه من إسناد الشبه إلى القوى والخيال قال ولان نحو الأعصاب من المنى فلو لم يكن فيه الانعقاد والفعل لما تخلقت وهذا بالهذيان أشبه لجواز أن تكون كلها من منى الذكر كذا قاله الشيخ. وأقول إن هذا غير كاف لجواز أن يدعى العكس فيتعارض الدليلان ولكني أقول لو كان ذلك من منى المرأة لوجب أن لا يشبه ولد غير أمه وهذا باطل وإن الشبه لو كان وقع في الرحم لوجب أن يكون كله للمرأة خاصة لكثرة الغذاء بدمها وهو باطل أيضا قال وقد وقع في كلام المعلم ما يناقض بعضه بعضا فقد أنكر منى المرأة ثم صرح بوجود البيضتين فيها وأنهما يولدان المنى لا ستدارتهما والولد من جنس
(٣٤)