من جهة ضرر الفعل فإنه من علم فعل الأعضاء سهل عليه الاستدلال على أحوالها، مثاله أن خروج الطعام من غير هضم دليل قطعي على ضعف المعدة لأنها الطابخة أولا وبالذات وكذا قلة الدم في البدن دليل على ضعف الكبد لأنها كذلك. (وثانيها) المأخوذ من جواهر الأعضاء فان القطع الخارجة أو الرمل إذا كانت شديدة الحمرة وجب الجزم بأنه من الكبد، أو البياض فمن المثانة أو بينهما فالكلي لأن هذه الأعضاء كذلك هذا من جهة اللون وقد يستدل بالحجم أيضا فان القشور الخارجة في البراز مثلا إذا كانت غليظة فمن المستقيم لأنه كذلك وإلا فمن الدقاق (وثالثها) المأخوذ من جنس ما يحويه العضو وأكثرهم لم يعده مستقلا والصحيح استقلاله وطريق الاستدلال به أن ينظر في كمية الدم الخارج بالنفث مثلا فإنه إن كان إلى البياض قليلا فمن القصبة أو رقيقا كثيرا إلى الحمرة فمن الرئة وهكذا غيره (ورابعها) المأخوذ من نفس الوجع وقد ثبت أن الأوجاع محصورة في خمس وعشرين: الحكاك واللذاع والخشن وسبب الثلاثة مواد حريفة تفرق الاتصال وكلها تكون في الجلد وما تحته من المسام إلا أن الخشن أغلظها مادة وأيبسها (والممدود) يختص بما بين الطبقات ويلزمه الورم لا شتماله على خلط غليظ فرق بين العضل وغيرها (والناخس) ويختص بالغشاء ويكون من مادة حارة إن كان نخسه بحرقة وإلا باردة، ومثله (الثاقب) لكنه أغلظ مادة وأقوى حركة وموضعه العضو الغليظ الجرم (والكسر) وهو مادة غليظة قوية تحتبس بين العضو والغشاء الساتر له وقد يكون عن ريح (والنملى) كالثاقب إلا أنه لا يتحرك كذا قالوه وهو غير مقتضى التطويل وقياس النملي أن يكون محله طبقات الشحم واللحم وأن يكون حارا (والرخو) ويكون في اللحم وأطراف العضو عن مادة باردة رطبة (والخدر) وهو سدة في الأعصاب يمنع الروح الحساس من غاياته (والضربان) وهو مادة حادة تنحصر في الطبقات فان اشتد الألم فالعضو ذو حس وإلا قريب ومنه ما قد يسكن بلا برء لان شدة الألم تبطل الحس (والثقل) وهو مثله لكن لا ينتشر غالبا ويكثر اختصاصه بالكلى (والاعياء) ويحل بالمفاصل والأغشية غير أنه إن حدث عنه كسل وانحطاط عقب الحركة فهو التعبى وإن كان من خلط فان أوجب التمطى والتثاؤب فهو التمددي فان أفاد احتراقا ونخسا فهو القروحي وعن الثلاثة يكون الاعياء الورمي (وخامسها) المأخوذ من طريق الوضع والعمدة فيه التشريح فان الوجع متى كان في الجانب الأيمن تحت الأضلاع فهو في الكبد أو عند القطن ففي الكلية أو في الأيسر كذلك ففي الطحال والكبد وهكذا ومثله الأعصاب والأعضاء فان الوجع الحادث في اللسان معلوم بأنه من قبل الرئة وهكذا.
(وسادسها) ما يكتسب من السؤال والفحص فقد يهتدى الطبيب الجاهل إلى العلة بالسؤال من العليل ومن عقلاء الأطباء من يكون جاهلا بالصناعة لكن يهديه عقله إلى معرفة العلة بالدواء كأن يعطى دواء حارا فان أفاد علم أن المادة الموجبة للمرض باردة وهذا يتم بامتحانات أربعة ولكن حيث لا مانع فان المرض قد يكون عن برد وينفعه البارد بتسكين لا إزالة كما في البنج والأفيون فيغتر به الجاهل فيفضى إلى التلف [منى] هو أول أجزاء التخلق والقول في كيفية صحته إلى أن يصير صالحا للانعقاد. قد وقع الاجماع على أنه يكون من خالص الغذاء وأصح ما فيه سواء كان الغذاء كله جيدا أم لا وأنه ينفصل من هضم المروق بعد اثنين وسبعين ساعة من تناول الغذاء المعتدل المزاج فعليه تكون صحته بحسب صحة الغذاء واستدل على كونه مما ذكر بانحلال قوى البدن بخروجه وإن قل فوق انحلالها بغيره من أنواع الاستفراغ وإن كثرت واحتباسه منوجب للقوة مالم يفسد فيوجب أمراضا رديئة في الغاية لتعلقه برأس الأعضاء. وقد اختلفوا في شأنه، فقالت طائفة