فهل المراد من " خير القرون " تعظيم كل ذلك، وتقديسه، والاقتداء به؟
إن قيل هذا فليس لأحد إن يرد على مانعي الزكاة بعد وفاة النبي، بل وحتى الذين ارتدوا عن الإسلام جهارا، لأنهم جميعا من أهل القرن الأول، وممن أدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورآه، وسمع حديثه!
فلما لم يقل بهذا أحد من أهل القبلة علمنا أنه ليس المراد تعظيم كل ما حدث في تلك القرون، كما أنه لا يصح تعظيم كل فرد من أهل تلك القرون وحفظ جانبه من أن ينال بشئ.
وليس هذا فقط، بل لا يصح أيضا الاعتقاد بأن أولئك جميعا هم أفضل ممن يأتي بعدهم، ناهيك عن أنبياء وصديقين عاشوا قبلهم ورحلوا.
فهل يمكن أن يكون المراد أن الصالحين من أهل تلك القرون هم أفضل على الإطلاق ممن سيأتي بعدهم؟
سوف لا أكون إلا مذكرا حين أقول: إن العكس أقرب للصواب - لما جاء في صحاح الأحاديث - باستثناء من جاءت النصوص بتفضيلهم.
فقد جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " طوبى لمن رآني وآمن بي، ثم طوبى، ثم طوبى، ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني " (1).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: " طوبى لمن آمن بي ورآني مرة، وطوبى لمن آمن بي ولم يرني سبع مرات " (2).