فإن صح قول ابن الزبير هذا، فماذا يقول في كلام عمر في هذه " الرزية "؟!
وبأي شئ يعتذر معتذر لعمر قوله هذا، الذي راح بعضهم يستبدله بألفاظ قد تحتمل الألسن قراءتها، وإن لم ترتضيها القلوب المؤمنة، فيقول:
فقال عمر: غلبه الوجع أو كلمة بهذا المعنى!
فهل سيكفي هذا عذرا له؟
أم بماذا يفسرون قوله: عندكم القرآن، وحسبنا كتاب الله؟!
هل أراد بهذا إلغاء السنة النبوية كليا، والإعراض عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحديثه، اكتفاء بالقرآن؟
لا أظن أن أحدا سيرضى لعمر مثل هذا، فيتابعه عليه، ولا أحسبه أراد هذا، لعلمه بأنه كفر صريح لا يخفى على أحد.
فماذا بقي؟..
لم يبق سوى أنه أراد أن يصرف الأمر عما يتبادر إلى أذهان الصحابة فورا، وهم يسمعون قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " هلموا أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا " فإنه يتبادر إلى أذهانهم لأول وهلة حديث رسول الله في حجة الوداع:
" إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي ".
وهذا وحده هو المعنى المقبول، والذي يؤيده: موافقة الكثير منهم لعمر، حيث لا تخفى كراهة بعضهم أن يكون هذا الأمر في أهل بيت النبي، كما صرحوا بذلك غير مرة.