قالوا: فمن، يا رسول الله؟
قال: " أقوام في أصلاب الرجال، يأتون من بعدي، يؤمنون بي ولم يروني، ويصدقوني ولم يروني، يجدون الورق المعلق فيعملون بما فيه، فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيمانا " (1).
ومرة أخرى يأتي هذا التفصيل مشرقا لا ضباب عليه، فبينما تراه صلى الله عليه وآله وسلم بشيرا لمؤمنين " لم يأتوا بعد " تراه نذيرا بليغا لمن كان حوله!
إذ قال صلى الله عليه وآله وسلم يوما وأصحابه من حوله قال: " وددت أنا قد رأينا إخواننا ".
فقالوا: يا رسول الله، ألسنا بإخوانك؟
قال: " بل أنتم أصحابي، وإخواني الذين لم يأتوا بعد، وأنا فرطهم على الحوض ".
فقالوا: يا رسول الله، كيف تعرف من لم يأت من أمتك بعد؟
قال: " أرأيت لو أن رجلا كان له خيل غر محجلة (2) بين ظهراني خيل بهم دهم (3) ألم يكن يعرفها؟ ".
قالوا بلى.
قال: " فإنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض - ثم قال - ألا ليذادن رجال منكم عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم: ألا هلم، فيقال: إنهم بدلوا بعدك، فأقول: سحقا سحقا " (4).