جابه عمر بالسنة النبوية في قضية التيمم، ولما هدده عمر قال عمار: إن شئت لم أحدث به (1).
والشواهد كثيرة على منع عمر الصحابة من نقل الأحاديث النبوية وذلك من عهد أبي بكر وبالأخص في أيام خلافته التي امتدت أكثر من عشر سنوات أحرق خلالها كل ما جمع من الأحاديث النبوية ومنع الصحابة من نقلها وحبس بعضهم من أجلها (1).
وقد فعل ذلك من قبله أبو بكر كما فعل ذلك عثمان من بعده.
فكيف يقال لنا بأن الخلفاء كانوا يعملون كلهم بالسنة النبوية في حين أن السنة النبوية لم تلق منهم إلا الحرق والمنع والتعتيم؟!
* ثالثا: تفيدنا هذه الرواية بأن عمر بن الخطاب كان كثيرا ما يتغيب عن مجالسة النبي والاستماع لأحاديثه ويشتغل عنه بالتجارة في الأسواق.
ولذلك غابت عنه أكثر الأحاديث النبوية التي عرفها الخاص والعام من الصحابة حتى صبيانهم، يشهد على ذلك قول الأنصار عندما فزع إليهم أبو موسى من تهديد عمر، قالوا : فوالله لا يقوم معك إلا أحدثنا سنا، فقام أبو سعيد الخدري، وكان أصغر القوم، فشهد أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحدث بذلك.
وهذا في حد ذاته توهين لشأن عمر الذي اعتلى منصة الخلافة وهو لا يعرف من السنة النبوية أبسط الأمور التي عرفها أصغر القوم سنا، وأين هو من حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي يقول: إذا تولى وال أمر رعية وهو يعلم أن فيهم من هو أعلم منه، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين.
وأنى لعمر بن الخطاب أن يصغي قلبه لمثل هذه الأحاديث النبوية التي رفضها في حياة النبي ولم يقنع بها وجعل لنفسه حق الاجتهاد في مقابلها.