ثالثا: عزل المعارضة سياسيا رغم الحصار الشديد ومصادرة الحقوق المالية وعزلهم عن المجتمع الإسلامي حتى تحولت وجوه الناس عن علي بن أبي طالب كما مر علينا، فإن الحزب الحاكم لم يكتف بكل ذلك حتى عمد إلى عزله سياسيا وإبعاده عن كل أجهزة الدولة وعدم إشراكه في أي منصب حكومي أو إسناده أي مسؤولية. وبالرغم من تعيينهم الولاة من الطلقاء ومن فساق بني أمية الذين حاربوا الإسلام طوال حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فقد بقي الإمام علي بعيدا عن مسرح الحياة السياسية طيلة ربع قرن حياة أبي بكر وعمر وعثمان . وفي حين كان بعض الصحابة الولاة يجمع الأموال ويكنز الذهب والفضة على حساب المسلمين، كان علي بن أبي طالب يسقي نخيل اليهود كي يحصل على قوته بكد يمينه وعرق جبينه.
وهكذا بقي باب العلم، حبر الأمة وحامل السنة حبيس داره ولا يعرف قدره إلا بعض المستضعفين الذين كانوا يعدون على الأصابع فكانوا يتشيعون له ويهتدون بهديه ويتمسكون بحبله.
وقد حاول الإمام علي زمن خلافته إرجاع الناس إلى القرآن والسنة النبوية بدون جدوى إذ أنهم تعصبوا لاجتهاد عمر بن الخطاب وصاح أكثرهم في المسجد: وا سنة عمراه.
ونستنتج من كل هذا بأن عليا وشيعته تمسكوا بالسنة النبوية وعملوا على إحيائها ولم يحيدوا عنها أبدا بينما اتبعت بقية الأمة بدع أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وسموها ب " البدع الحسنة (1).
وهذا ليس من الادعاء بل هي الحقيقة التي أجمع عليها المسلمون وسجلوها في صحاحهم وعرفها كل باحث ومنصف.
فقد كان الإمام علي يحفظ القرآن ويعرف كل أحكامه وهو أول من جمعه