بقي أن نعترف لأبي حفص باعترافه بالجهل عندما يواجه من قبل بعض الصحابة بالحجة والدليل، فيقول مرة: كل الناس أفقه منك يا عمر حتى ربات الحجال، ومرة يقول:
لولا علي لهلك عمر، وأخرى يقول: لقد أهالني عن أحاديث النبي الصفق بالأسواق.
وإذا كان عمر يتلهى عن السنة النبوية بالصفق في الأسواق فإنه عن القرآن أكثر لهوا، فقد اختلف مرة مع أبي بن كعب وهو من أشهر الحفاظ وأنكر عليه قراءته وقال بأنه لم يسمع بها من قبل، فقال له أبي: يا عمر إنه كان يلهيني القرآن ويلهيك الصفق بالأسواق (1).
فشغله بالتجارة ولهوه بالصفق في الأسواق يعرفه الخاص والعام وليس هو بالأمر الخفي عن الصحابة وخصوصا منهم العارفين بكتاب الله وسنة رسوله.
لذلك اعتقد بأنه كان يعيش عقدة نفسية كبيرة، وهي عقدة الجهل المركب، إذ يرى أصغر المسلمين يعرف ما لا يعرف هو ويحفظ ما لا يحفظ هو، ويرى إلى جانبه عليا وهو شاب لم يبلغ الثلاثين يصوب رأيه بما حفظه من الكتاب والسنة وبمحضر من الصحابة، حتى يضطر للقول: لولا علي لهلك عمر.
ويرى امرأة تقوم في آخر المسجد فتعترض عليه وهو فوق المنبر وتحاججه بكتاب الله في قضية مهور النساء على مشهد ومسمع من كل المصلين، فيقول عند ذلك: كل الناس أفقه منك يا عمر حتى ربات الحجال.
وفي الحقيقة لم يكن ذلك قناعة منه بقدر ما هو تغطية على جهله وكسب الموقف لصالحه ليقول الناس عنه بأنه متواضع كما نسمع اليوم الكثير من الناس يرددون ذلك.
ومن أجل هذه العقدة عمل عمر على محق السنة النبوية ما استطاع لذلك سبيلا، واجتهد برأيه معارضا للكتاب والسنة، والشواهد على ذلك كثيرة جدا (2).