والحرام، فقال له أحمد: سل عافاك الله غيرنا، قال: إنما نريد جوابك يا أبا عبد الله، قال: سل عافاك الله غيرنا، سل الفقهاء سل أبا ثور (1).
كما نقل عن المروزي قوله: أما الحديث فقد استرحنا منه وأما المسائل فقد عزمت إن سألني أحد عن شئ فلا أجيبه (2).
ولا شك بأن أحمد بن حنبل هو الذي أوحى بفكرة عدالة الصحابة كلهم بدون استثناء فأثر مذهبه في أهل السنة والجماعة.
فقد ذكر الخطيب في تاريخ بغداد في جزئه الثاني بالإسناد عن محمد بن عبد الرحمان الصيرفي قال: قلت لأحمد بن حنبل: إذا اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مسألة، هل يجوز لنا أن ننظر في أقوالهم، لنعلم مع من الصواب منهم، فنتبعه؟
فقال لي: لا يجوز النظر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت : كيف الوجه في ذلك؟
قال: تقلد أيهم أحببت.
ونحن نقول: وهل يجوز تقليد من لا يعرف الحق من الباطل؟ وغريب أن يفتي أحمد وهو الذي يتهرب من الفتوى، بتقليد أي صحابي أحب وبدون النظر في أقوالهم لمعرفة الصواب!
وبعد هذا العرض الوجيز لمصادر التشريع الإسلامي عند الشيعة وعند أهل السنة والجماعة، يتبين لنا بوضوح لا لبس فيه بأن الشيعة هم الذين يتقيدون بسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا يبغون عنها حولا حتى كانت سنة النبي هي شعارهم كما شهد بذلك أعداؤهم.
أما أهل السنة والجماعة فهم يتبعون سنة أي صحابي وأي تابعي وأي حاكم.