ثم نجد أهل السنة والجماعة وبعد موت الأئمة الأربعة يغلقون باب الاجتهاد في وجه علمائهم فلا يسمحون لهم إلا بالتقليد لأولئك الأئمة الميتين.
ولعل الحكام والأمراء هم الذين أغلقوا عليهم باب الاجتهاد ولم يسمحوا لهم بالنقد والنظر في شؤون الدين خوفا من التحرر الفكري الذي قد يسبب لهم قلاقل وفتنا قد تهدد مصالحهم وكيانهم.
وأصبح أهل السنة والجماعة مقيدين لتقليد رجل ميت لم يشاهدوه ولم يعرفوه حتى يطمئنوا لعدالته وورعه وعلمه، وإنما كل ما هنالك أنهم أحسنوا الظن بأسلافهم الذين يروي كل فريق منهم مناقب خيالية في الإمام الذي يتبعه فجاء أغلبها فضائل منامية لا تتعدى أضغاث أحلام أو طيف منام، أو ظنا وأوهاما، فكل حزب بما لديهم فرحون.
ولو نظر المثقفون من أهل السنة والجماعة اليوم إلى المثالب التي رواها أسلافهم أيضا وتضارب الأقوال في بعضهم حتى وصل بهم الأمر إلى الحروب والتكفير في ما بينهم، لراجعوا موقفهم من أولئك الأئمة ولكانوا من المهتدين.
ثم كيف يقلد المسلم العاقل في هذا الزمان رجلا لا يعرف من مستحدثات العصر شيئا، ولا يجيبه إذا سأله عن حل لبعض مشاكله، ومن المؤكد بأن مالكا وأبا حنيفة وغيرهم سيتبرأون من أهل السنة والجماعة يوم القيامة ويقولون: ربنا لا تؤاخذنا بما فعل هؤلاء الذين لم نعرفهم ولم يعرفونا، وما قلنا لهم يوما بوجوب تقليدنا.
ولا أدري ماذا سيكون جواب أهل السنة والجماعة عندما يسألهم رب العالمين عن الثقلين؟ ثم يأتي عليهم بالرسول شهيدا، وسوف لن يقدروا على دفع شهادته، ولو تذرعوا بطاعة ساداتهم وكبرائهم.
وإذا سألهم: هل وجدتم في كتابي أو في سنة رسولي عهدا أو ميثاقا أو حجة على أتباع المذاهب الأربعة؟؟
والجواب على هذا معروف ولا يتطلب مزيدا من العلم، فليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله شئ من ذلك، وإنما في كتاب الله وسنة رسوله أمر صريح بالتمسك بالعترة الطاهرة وعدم التخلف عنهم.