وإذا كان الصحابة أنفسهم يعترفون بخطأهم في عديد من المرات وأنهم يقولون ما لا يعلمون.
فهذا أبو بكر يقول عندما يسأل عن مسألة: سأقول فيها برأيي فإن أصبت فمن الله ، وإن أخطأت فمني أو من الشيطان. وهذا عمر يقول لأصحابه: لعلي آمركم بالأشياء التي لا تصلح لكم وأنهاكم عن أشياء تصلح لكم (1).
وإذا كان هذا هو مبلغهم من العلم وأنهم يتبعون الظن الذي لا يغني من الحق شيئا، فكيف يحق لمسلم عرف الإسلام أن يجعل أفعال هؤلاء وأقوالهم سنة متبعة ومصدرا من مصادر التشريع؟ وهل يبقى بعد هذا الحديث أصحابي كالنجوم من أثر؟
وإذا كان هؤلاء هم الصحابة الذين حضروا مجالس النبي وتعلموا منه يقولون مثل هذه الأقوال، فكيف تكون حال من جاء بعدهم وأخذ عنهم وشارك في الفتنة؟
وإذا كان أئمة المذاهب الأربعة يقولون في دين الله بآرائهم مصرحين ومعترفين بإمكانية الخطأ، فيقول الواحد منهم: هذا ما أعتقد أنه صحيح وقد يكون رأي غيري هو الصحيح، فلماذا ألزم المسلمون أنفسهم بتقليدهم؟! رابعا: سنة الحكام ويسمى عند أهل السنة والجماعة صوافي الأمراء، وقد استدلوا عليه بقوله تعالى: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم (النساء: 59) (2).
فأولي الأمر عندهم الحكام وإن كانوا متسلطين بالقوة والقهر، وهم يعتقدون بأن الحكام أمرهم الله على رقاب العباد فيجب لذلك طاعتهم والأخذ بسنتهم.