يصور صاحب الخلق العظيم (وإنك لعلى خلق عظيم) (1) بصورة الرجل الذي يفقد السيطرة على أعصابه، فيتصرف مثل تلك التصرفات التي ألصقوها ظلما برسول الله، لأن الشخص العادي الذي لا تتوفر فيه مؤهلات النبوة يترفع عن سب ولعن وإيذاء الناس بدون سبب، فكيف بسيد الخلق وصفوة الجنس البشري وصاحب الخلق العظيم!!! وقد سقنا في البحوث السابقة نماذج متعددة من هذه الترهات الفارغة، ومع هذا يعتبرها البخاري أحاديث صحيحة، ومدعومة بقناعة شعبية لأنها تبرر تولي الذين لعنهم رسول الله منصب الخلافة!!! مع أنهم أعداء لله ولرسوله وقد لعنهم الله على لسان رسوله!!
لقد خلطوا الحق بالباطل، وضحوا بالحقائق الشرعية ليستروا على فضائح التاريخ، وليضفوا عليها ثوب الستر والشرعية، لأنهم قد خلطوا الدين بالتاريخ، والحق بالرجال، فعرفوا الحق بالرجال، مع أن الرجال يعرفون بالحق، فأجمعوا أمرهم على أن يستوفوا الجميع معا!!
في الوقت الذي منع فيه الخلفاء كتابة ورواية الأحاديث النبوية، وفي الوقت الذي أحرقوا فيه المكتوب منها، فإنهم قد فتحوا الباب على مصراعيه للثقافة والخرافات اليهودية والنصرانية، فكعب الأحبار مثلا، قدم المدينة، وأسلم على عهد عمر، وبقي فيها بناء على طلب عمر، وقد خصص له الخليفة عمر ساعة في كل أسبوع يتحدث فيها قبل صلاة الجمعة، بمسجد رسول الله، ولما آلت الخلافة لعثمان جعل الوقت ساعتين بدلا من ساعة، وكان موضع سر الخليفتين عمر وعثمان يسألانه ويرجعان إليه في مبدأ الخلق، وقضايا المعاد وتفسير القرآن وغير ذلك، مع أن الرجل لم يصحب الرسول، ولا يعرف شيئا عن الإسلام وثقافته يهودية من جميع الوجوه، وأمام هذه الثقة التي خص الخلفاء بها كعبا، علا شأنه وذاع صيته وأخذ