(لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما ما رأيت ملكا مثل هذا لا ملك كسرى ولا ملك قيصر ولا ملك بني الأصفر) (1) ولم تتغير هذه القناعة حتى بعد دخول أبي سفيان في الإسلام، نظر أبو سفيان مرة للنبي فقال في نفسه:
(ليت شعري بأي شئ غلبني محمد)، فأوحى الله إلى نبيه بما جال في صدر أبي سفيان فقال له الرسول (غلبتك بالله) (2) بعد أن دخل رسول الله مكة وتلفظ بالشهادتين جئ به إلى رسول الله، فقال له الرسول: (يا أبا سفيان أما آن لك أن تعلم بأني رسول الله؟ فقال أبو سفيان أما والله فإن في النفس حتى الآن منها شئ... فصاح به العباس: ويحك أسلم واشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قبل أن أضرب عنقك)، هنا فقط بعد ذكر ضرب العنق، وبعد الإحاطة، وضعف الحيلة، تظاهر بوقف صراعه مع النبي!!
لقد أحس ذلك النفر أن رئاستهم العامة للأمة بعد موت النبي تشكل فرصة تاريخية للمصالحة بين تيار أتباع النبي المخلصين، وبين تيار أتباع زعامة الشرك السابقة!!، وأن استيلاء ذلك النفر على الملك سيضع حدا لصراع طال أجله، وسيعيد الصيغة السياسية الجاهلية القائمة على اقتسام مناصب الشرف ولكن بثوب إسلامي، وبشكل إسلامي!!
كان ذلك النفر موقنا بأن الترتيبات الإلهية التي أعلنها النبي والمتعلقة بمن يخلفه، ترتيبات غير عادلة وغير منصفة - والعياذ بالله - فمن غير الممكن حسب تفكير ذلك النفر أن يكون النبي من بني هاشم، وأن يكون خلفاؤه الاثني عشر من بني هاشم أيضا!! إن هذه الترتيبات مجحفة بحق البطون ومن المحال حسب عقولهم أن تكون من الله، فلا بد أنها من تدابير محمد كبشر!! لقد أقنع ذلك النفر أنفسهم بذلك، لذلك هان عليهم