قولك يا أمير المؤمنين، اختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفقت، فلو أن قريشا اختارت لأنفسها من حيث اختار الله لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود، وأما قولك إنهم أبوا أن تكون لنا النبوة والخلافة، فإن الله عز وجل قد وصف قوما بالكراهية فقال: (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم) فقال عمر: هيهات يا بن العباس قد كانت تبلغني عنك أشياء أكره أن أقر عليها فتزيل منزلتك مني، قال ابن عباس فقلت: يا أمير المؤمنين فإن كان حقا فلا ينبغي أن تزيل منزلتي منك، وإن كان باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه، فقال عمر: بلغني أنك تقول: صرفوها عنا حسدا وبغضا، قال ابن عباس فقلت: أما قولك يا أمير المؤمنين ظلما فقد تبين للجاهل والحليم، وأما قولك حسدا، فإن آدم حسد، ونحن ولده المحسودون. قال عمر هيهات، هيهات أبت والله قلوبكم يا بني هاشم إلا حسدا لا يزول! قال ابن عباس فقلت مهلا يا أمير المؤمنين لا تصف بهذا قلوب قوم أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) (1).
هذه المحاورة تؤكد ما ذهبنا إليه، وتكشف عقيدة ذلك النفر وطبيعة مشاعرهم نحو أهل بيت النبوة!!!
2 - وعمليا وطوال رئاسة ذلك النفر للأمة لم يصدف أن استعملوا أو استعانوا بأي رجل من آل محمد، ولا بأي رجل يتعاطف مع آل محمد، وذلك من قبيل سد الذرائع!!!
قال عبد الله بن عباس: إن عمر قد أرسل إليه وقال له: (إن عامل حمص قد هلك وكان من أهل الخير، وأهل الخير قليل وقد رجوت أن تكون منهم، وفي نفسي منك شئ لم أره منك وأعياني ذلك فما رأيك