فانقسمت مجتمعات الجزيرة العربية على تعددها إلى قسمين أحدهما وهو الأقل مع النبي وثانيهما مع زعامة بطون قريش.
ومع هذا فقد نجح ذلك النفر بالاحتفاظ والمحافظة على علاقة جيدة مع الجميع، فلم يقطعوا خيوط الاتصال مع أي طرف من أطراف الصراع، ولا مع أية جماعة من جماعاته!! وهذا ما قوى الأمل عندهم بأن الجميع سيقبلون رئاستهم بعد وفاة النبي، وفي حالة حدوث صراع بين ذلك النفر وبين آل محمد أصحاب الحق الشرعي بالرئاسة، فإن الجميع سيقفون مع ذلك النفر وسيتخلون عن آل محمد الذين أثخنوا الجميع بالجراح، ووتروا الجميع، وسيسهل على ذلك النفر تجاهل وجود الترتيبات الإلهية، وتجاهل النصوص الشرعية التي رتبت عصر ما بعد النبوة، وسيسهل على الجميع الوقوف وراء ذلك النفر تحت مظلة الإسلام، لأن أعداء الله السابقين كلهم قد دخلوا الإسلام، وشكلوا الأكثرية الساحقة من المجتمع الإسلامي الجديد، فيمكن استثمار هذه الكثرة الكاثرة تحت مظلة (الشورى) وهي مبدأ إسلامي!!! ومن هنا فقد أخذ ذلك النفر يبني وينمي علاقاته مع الجميع.
أ - كان بحكم الصحبة والمصاهرة والهجرة واعتناق الإسلام محسوبا على النبي والذين آمنوا، وكانت حكومة النبي حكومة عدل إلهي، فهي لا تعاقب على النوايا، ولا تجرم إلا ما يقع من الأفعال، كان النبي على علم بنوايا ذلك النفر، ولكن هذه النوايا لم تترجم إلى أفعال كاملة خلال حياة النبي، وإذا صدرت من ذلك النفر مقاطع من أفعال فقد كانت مغطاة بالشبهات التي تقيم من العقوبة، لقد اكتفى النبي بوصفهم وصفا دقيقا وتحذير الناس منهم، لقد أكد الرسول أن هذا الحي من قريش (1) سيحمل الناس على سنة فارس والروم (2) ولن يدعوا لله في الأرض عبدا صالحا إلا