والأرباب (1)، ويصير إلههم هو ذلك الإله لا غير، فيسمونه بكل اسم حسن ويصفونه بكل صفة كمالية، ويخاطبونه برب الأرباب وإله الآلهة تعظيما وإجلالا لا تحقيقا وإيقانا، وإذا عطفوا إلى إله غيره أقاموه مقام الأول وجعلوه رب الأرباب وإله الآلهة، فهذا التعبير " رب الأرباب أو إله الآلهة " كان أولا يدل على العظمة والجلال، فلما مضت القرون على هذا النحو أصبح هذا التعبير ثابت المعنى، أي أنهم اعتقدوا فعلا أن في صف الآلهة رئيسا ومرؤوسين وآمرا ومأمورين، وأن الرئيس والآمر هو وحده رب الأرباب وإله الآلهة، وهذا وصف ثابت له لا ينتقل إلى سواه، والكائنات كلها تحت يده وسائر الآلهة تحت أمره (2).
التثليث في الفكر الهندي:
وحوالي القرن التاسع قبل الميلاد وصل فكر الكهنة الهنود إلى إبراز هذه النتيجة التي تقرب من التوحيد أو تصل إليه، فقد جمعوا الآلهة في إله واحد، وقالوا إنه هو الذي أخرج العالم من ذاته، وهو الذي يحفظه إلى أن يهلكه ويرده إليه، وأطلقوا عليه ثلاثة أسماء، فهو براهما من حيث هو موجد، وهو فشنو من حيث هو حافظ، وهو سيفا من حيث هو مهلك (3).
وهكذا فتح الكهنة الهنود الباب للمسيحيين فيما يسمى: تثليث في وحدة ووحدة في تثليث (4).