ولم يتوار الآريون بالامتزاج في الهند بسرعة كما توارى العرب في مصر، لأن عدم التزاوج، ثم نظام الطوائف الحاسم حال دون امتزاجهم في الهند بالتورانيين المقهورين زمنا طويلا، ولكن الامتزاج على كل حال تم بتعاقب القرون، فلا نجد للآريين في الهند أثرا منذ زمن طويل (1). ولكن آثار الآريين الجسمانية لا تزال بارزة في الشمال الغربي حتى العهد الحاضر كما يقول Weech ففي البنجاب نجد السكان أطول قامة، بشرتهم بيضاء أو أميل إلى البياض، ملامحهم أدق، وهم بهذا يخالفون باقي الهنود حيث تنتشر ملاخ التورانيين، أو حيث توجد ملامح السكان الأصليين بالجنوب، وتقل ملامح الآريين كلما اتجهنا جنوبا أو شرقا (2).
وبالتقاء الآريين والطورانيين مع السكان الأصليين بدأت الطبقات في الهند، وأصبحت ذات أهمية كبرى في تاريخ هذه البلاد، فمن الآريين كانت طبقة رجال الدين (البراهمة = Brahaman) وطبقة المحاربين (Kastria) ومن التورانيين تكونت طبقة التجار والصناع (Vaisya)، أما الهنود الذين اتصلوا بالطورانيين فلم يدخلوا التقسيم في أول الأمر، ولكن الحضارة الآرية امتدت إلى بعضهم بمرور الزمن، فأوجد الآريون منهم الطبقة الرابعة وجعلوها طبقة الخدم والعبيد (Sudra) أما الذين لم تمتد لهم الحضارة الآرية من السكان الأصليين لأنهم انعزلوا عن الفاتحين فقد بقوا بعيدين عن التقسيم، وظلوا طريدي المجتمع أو منبوذين (ontcastes) وسنتكلم فيما بعد عن هذه الطبقات.
ونعود إلى ذوبان الجنس الآري الذي اقتبسنا الحديث عنه آنفا من غوستاف لوبون، لنقرر أن هذا الذوبان بدأ عندما اندفع بعض الآريين عن طريق ممر دلهي الذي يفصل بين الصحراء الغربية وبين فروع نهر