ولاختلاف أجواء الهند، أصبح سكان الهند - كما يقول غوستاف لوبون (1) - ذوي أمثلة متباينة، ففيها تجد شعوبا بيضا بياض الأوربيين، كما تجد الزنوج والسود، وبين هؤلاء وأولئك ألوان وألوان.
فمن الباب الشرقي دخلت الشعوب الصفراء (التورانيون) أفواجا منذ آلاف السنين، يضيق الزمن بينها أو يتسع، وقد فر من وجهها بعض السكان الأصليين واحتموا بقمم الجبال، أما أغلب السكان الأصليين فقد ارتبطوا بالزاحفين وتم بين الجنسين ألوان من العلاقات أنتجت ما أصبح بعد حين يعرف بالسكان الأصليين، وكان هذا المجتمع الجديد يتكون من جماعتين:
إحداهما يغلب فيها الدم التوراني، والثانية يغلب فيها الدم الهندي، أما الذين آووا إلى قمم الجبال فقد أطلق عليهم " زنوج الهند ".
ومن الباب الغربي اقتحم الآريون بلاد الهند وبهم ارتبط تاريخ الهند القديم، وأصل الآريين (الجنس الأبيض) مشكوك فيه، فيرى بعض الباحثين أنهم نشأوا ببلاد الدانوب بأوربا، ثم هاجروا إلى آسيا عندما ضاقت بهم الأرض، متخذين طريق الشرق حتى بحر مرمرة، ثم عبروا البسفور أو الدردنيل إلى آسيا الصغرى، واستمروا في سيرهم شرقا متجنبين الحضارات المزدهرة التي كانت قد نشأت في طريقهم، حتى نزلوا فارس بالقرب من تبريز، ومن هناك انحدروا إلى الهند (2).
ويرى باحثون آخرون - وهو الأرجح - أن الجنس الآري آسيوي الأصل، كان يعيش في وسط آسيا في بلاد التركستان بالقرب من نهر جيحون، ثم زحفت أفواج ضخمة من هذا الجنس في أزمنة غير واضحة، واتجهت نحو الهند عبر إيران واتجهت كذلك نحو أوربا (3).