ياسودهرا وحدها مختفية بين ذلك الحشد العظيم، تسمع كلام المبارك، وكان راهولا ابنها الوحيد يكلمها مرة واحدة كل سنة، أما السيد فكانت لا تراه.
وعند ما توجه السيد إلى التل، وليس معه إلا آنندا ابن عمه ومريده الأول، أسر إليه السيد قائلا: يا آنندا، لقد حانت الساعة التي تجتاز فيها ياسودهرا العين (أي أنها على وشك أن تنقل لعالم الروح حيث تصبح غير مرئية بالعين، وذلك كناية عن الموت)، فانتهز آنندا هذه الفرصة وأجاب وهو يرتعد: ألا يرى السيد أن يتكلم معها؟
فأبدى السيد موافقته دون أن يفوه بكلمة.
وفي الكوخ وجدا عجوزا شمطاء حليقة الرأس ذابلة، عيناها كالسراج الذي نضب زيته، خائرة القوى، ترتعد، وهتفت لزوجها قالة: قد أطاعت الأمة سيدها، ودخلت النظام منذ أذن لها، والحمل الثقيل الذي حملته أضعه الآن على الأرض، إنه لم يبق في نفسي بذر للحياة.
وسقطت فاقدة الحياة.
قال آنندا: إنها وصفت حملها بأنه ثقيل، هل كان لها أن تتكلم بمثل هذا إن كانت قد نالت النجاة؟
وأجابه كانا أحد المريدين: إنها ماتت حيث تولد من جديد.
واستأنف بوذا سيره ومعه تلاميذه ومريدوه، وظهر التعب والاعياء على السيد، فخاطب تلاميذه قائلا:
كل شئ يؤول إلى الانحلال. وأنا كذلك أيها التلاميذ قد شخت وأو شكت أن أموت، جدوا لتحرير أرواحكم بكل ما أوتيتم من الحول، وفي خلال الشهور القادمة سأموت، إن أجلي قد حان، وإن حياتي يجب أن تنتهي، وآن لروحي أن تلقي حملها، أيها الرهبان، عليكم