أتباعه، حيث بدأت مظاهر النجاح تبدو له، فالتف حوله عدد كبير من الرجال والنساء والشيب والشبان، وكانوا جميعا يتخذون من بوذا مثالا لهم، وكان هو يحيطهم بعنايته ويشملهم جميعا بحدبه ورعايته.
واشتهرت دعوته بتسميتها " النظام " أو " عجلة الشريعة " وقد ظل بوذا يدفع عجلة الشريعة إلى الإمام أكثر من أربعين عاما حتى وصلت سنه الثمانين، واختار حياة المبشر المتسول مع كل ما تشتمل عليه من صعوبات وحرمان، وسخرية ومقاومة، ولم يكن بوذا وحده هو الذي يدعو " للنظام " وإنما اختار - كما سبق القول - نخبة من أتباعه ليقوموا بالدعوة لها في مختلف النواحي، وتدلنا المراجع الرئيسية على أن بوذا كان يختبر الذين سيقومون بالدعوة اختبارا دقيقا قبل أن يرسلهم لهذا الغرض، ونسوق هنا مثالا من هذا الاختبار:
كان أحد المريدين واسمه " بورنا " يريد أن يذهب إلى قبيلة " سرونا بارانتا " لدعوتهم، وكان بوذا يعلم أن هذه القبيلة معروفة بالشراسة والخشونة، ولا ينجح معها إلا الثابت الضليع، فأراد أن يعرف مدى استعداد مريده لتحمل ما قد يلم به من عناء، فقال له: إن رجال هذه القبيلة قساة سريعوا الغضب، فإذا وجهوا إليك ألفاظا بذيئة خشنة، ثم غضبوا عليك وسبوك فماذا كنت فاعلا؟
فأجاب بورنا: أقول: لا شك أن هؤلاء قوم طيبون، لينو العريكة، لأنهم لم يضربوني بأيديهم، ولم يرجموني بالحجارة.
- فإن ضربوك بأيديهم ورجموك بالأحجار، فماذا كنت قائلا؟
- أقول إنهم طيبون لينون إذ لم يضربوني بالعصي ولا بالسيوف.
- فإن ضربوك بالعصي والسيوف؟
- أقول إنهم طيبون لينون إذ لم يحرموني الحياة نهائيا.
- فإن حرموك الحياة؟