بالتيقظ والتبصر، لتكن أفكاركم سليمة، راقبوا قلوبكم، وصونوا نفوسكم، ولا تغفلوا، لتكن إرادتكم طاهرة قوية، واجتازوا بحر الحياة غير آسفين ولا متحسرين (1).
وواصل السيد سيره بين القرى والآجام، وكان آنندا قلقا، فقال له السيد:
قل، ما الذي يختلج في صدرك؟
فأجاب آنندا بعد تردد. إن السيد يمشي في بلاد غير عامرة، ليس بها إلا الأكواخ، وأرى أنه لا يستحسن أن يموت السيد في مكان كهذا، ليكن ذلك في مدينة عظيمة حيث يراه الكثيرون ويؤمنون ويهتدون...
فأجاب السيد: في مثل هذا المكان يا حبيبي آنندا شعرت بأعمق السكينة في نفسي، هذه الشجيرات هي التي تنشرح روحي بجوارها.
ودخل السيد الغابة وتعمق هو ومريدوه حتى وصلوا مكانا ترتفع أمامه قمم همالايا الشاهقة المكللة بالثلج، واختار السيد مكانا بين دوحتين باسقتين، واستلقى على جنبه في إجهاد ظاهر وتعب واضح، وأحس آنندا بأن السيد يقرب من النهاية، فانتحى ناحية وأخذ يبكي، فطلبه السيد، فجاء وجلس بجواره، وقال له السيد: ألم أقل لك مرة بعد مرة إن الأشياء كلها لإثبات لها، ألم أبين لك أن الأشياء التي نهواها لقربها منا هي التي يجب أن نقطع علاقتنا بها، لأن زوالها أو الحرمان منها يورثنا الألم والحزن.
وبات السيد تلك الليلة كلها يحرك عجلة العرفان أمام تلاميذه راقدا رقدة الأسد تحت الشجرتين، وقد جاءه كثير من الناس وتلقوا العلم عنه.