وعند فلق الصبح قال المبارك: " قد يقول بعض منكم قبل نهاية اليوم، لقد ذهب السيد عنا، وليس لنا معلم: كلا، لا تقولن ذلك، فإني أترككم على المنهاج المعبد المستقيم المنور. اسمعوا، معلمكم بعد ذهابي، هو الشريعة والجمعية ".
ثم استوى جالسا يرنو إلى الجبال الشاهقة البيضاء. وقد سمعوه يتنفس الصعداء، والطمأنينة بادية على وجهه، وبعد قليل أخذ ينشد " أنشودة البيت المتضعضع ":
" من بيت وراء بيت سجنني، ومن رسالة إلى رسالة أرسلني، ولادة بعد ولادة، وأنا أدور في دائرة متعبة، باحثا عن صانع هذه الخيمة. إن البيت قد ارتجفت أركانه. سقفه يرحب بمطر الموت في داخله: وجدرانه من الغبار تنتظر النهاية، كانت الولادة بعد الولادة أليمة. الخجل والعذاب يتبعني وأنا أتيه في بيداء لا نهاية لها... الآن يقوم السجين متحررا... يا صانع البيت...
لقد رأتك العين... ها.. تهدم السقف، وسقطت الجدران، وانهارت الأركان. يا شاطر،... طال اختفاؤك... ها قد وجدتك ومسكتك مسكا قويا لا تنفلت من يدي أبدا... حان لي أن أتخلص من العذاب...
لقد خمدت هذه النار إلى الأبد! " عاد بوذا بعد ذلك إلى رقدته الأسدية متعبا. وقد ثقل تنفسه. ومع ذلك تكلم:
" أيها النساك، كل شئ زائل، مار كمر السحاب. تذكروا هذه الحقيقة، واسعوا لحريتكم بالتواضع والجد، ناظرين إلى النهاية ".
سكت السيد وأغمض عينيه ودخل في التفكير العميق لا يحرك ساكنا ولا يبدو عليه أنه يشعر بما حوله.