عصاه ويوشك أن ينكفئ على صدره. وقد احدودب ظهره وتقوس، وثقل عليه رأسه فلا يطيق حمله، فاضطرب له سذهاتا وتألم له، فقال له رفيقه شانا (Channa): هكذا نهج الحياة ولا مفر لنا من هذا المصير، وتروي قصة أخرى أن سذهاتا رأى مريضا يتلوى من المرض، ويئن من الألم، ويشكو من العناء، وأهله حوله لا يستطيعون إيقاف الألم، بل لا يرون الداء، ولا يحسون بالعناء، فقال له شانا: هكذا نهج الحياة، وتروي قصة ثالثة أن سذهاتا شاهد جثة أمعن فيها البلى، وانبعثت منها رائحة مؤذية ونتن كريه، فاستغرق في التفكير، فقال له شانا: هكذا نهج الحياة.
وفكر سذهاتا في هذا العناء وهذا الشقاء، ما مصدره؟ وكيف يمكن التخلص منه؟ وبخاصة أن كل إنسان لا بد أن يعاني المرض يوما، ولا بد أن يعاني سكرات الموت، وكثيرون من الناس يمتد بهم العمر فيعانون الهرم والشيخوخة.
وأحس والده باتجاهه، فحاول مقاومة هذا الاتجاه، بأن يبعد مناظر الألم عن ابنه، وأن يسبغ عليه مزيدا من اللذات والمسرات لتجذبه عن التفكير في الآلام والشجون، ولكن هذه الأحاسيس كانت قد تمكنت من فكر سذهاتا، فلم يكن من السهل أن ينثني عنها، ثم إن سذهاتا عمق فيه هذا الطابع، وكان اتجاهه صدى لأحاسيس نفسية قوية، ولهذا فإن إبعاده عن هذه المناظر لم يأت بأية ثمرة (1).
واستقر رأى سذهاتا على أن يدع صخب الحياة وأن يبدأ حياة الزهد والفكر لعله يصل إلى معرفة سر الكون، وفي إحدى الليالي حيث كان القصر يموج بالبشر والمسرات بسبب ولادة ابنه، قال سذهاتا: وهذه رابطة أخرى علينا أن نفصمها، وحزم سذهاتا أمره على أن يفارق هذه الملاذ وأن يبدأ تأملاته، وفي هجعة القصر بعد ما شاهده من مرح وغناء، ألقى سذهاتا