وهنا ننقل عبارة مولانا محمد عبد السلام الرامبوري (1) وهي: " وكان مستغرقا في تأمله خائضا في تفكره إذ أخذته نزعة سماوية، فغاب عن نفسه وعن كل ما حوله، وطفق يطرأ عليه حال بعد حال، ويلحقه طور وراء طور، ثم عاد شعوره يتجلى رويدا رويدا، فأشرق الكون لديه وأصبح العقل يتجرد عن شوائب المادية، فانشرح صدره، ورأى العالم في تكوناته وتقلباته ومباديه ومناحيه، وقد غلب اللاهوت وتنور اللاهوت، فذاق سرورا ما خطر بباله قبل، ووجد قوة ما استشعر بها قط، فأبصر ينابع الحياة وأحاط بمنابع الآلام واستوعب منابت البؤس، واكشف مقاليد السرور، ورأى سبيلا يهدي إلى تلاشي الأحزان وزهوق الآلام، فأدرك متمناه ونال مبتغاه، وتخلص من تقلبات الحياة، ونجا من حزازات الآلام، وتيقظ شعوره، وتنورت بصيرته، واستوى على عرش البوذية وصارا بوذا (Buddha) أي العارف المستيقظ والعالم المتنور " ومن الآن سنطلق على بطل هذه الديانة (بوذا) وهو الاسم أو اللقب الذي حصل عليه عندما انكشف عنه الغطاء، ويحسن بنا هنا أن ننقل العبارة التي سجل بها بوذا هذه اللحظة التي يعتبرها هو ويعتبرها أتباعه لحظة إشراق وفوز. يقول بوذا " لما أدركت هذا تحررت من الهوى، تحررت من شرور الكون الأرضي، تحررت من شرور الخطأ، تحررت من شرور الجهل، وتيقظ في المتحرر شعور التحرر وشعور عدم تكرر المولد، قد انتهى الصراط المقدس، قد تمت الفريضة، فلن أرجع إلى هذه الدنيا رجعة أخرى قد أبصرت هذا " (2).
ترى ما هذه الإشراقة التي حصل عليها بوذا؟ وما هذا السر الذي كشف له؟
وما هذه الأنوار التي أحاطت بنفسه؟ وما تلك الوسائل التي استطاع بها أن يحل مشكلات الحياة؟ ويوقف المرض والشيخوخة والموت؟!!