الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٢٨٦
توضيح معناها بتحديد مكانها من تدبير الخلاص في جملته. إن بعض أهل العصر يسمون ذلك تاريخا " تبشيريا " أو " تاريخا نوعيا "، علما بأن الأقدمين كانوا يسمون إنجيل يوحنا " إنجيلا روحيا " (اقليمنضس الإسكندري). وهذا الإدراك على وجه عميق للمسيح ولعمله يتم في أغلب الأحيان بالتعبير عن تاريخه بالرموز. فعين التلميذ تكتشف شيئا فشيئا أن للأفعال أو الأقوال عدة درجات في معانيها وأنها تحيل دائما إلى ما أبعد منها. ومن هنا أهمية فكرة " الآية "، والميل إلى الإيحاء بما لحدث أو لعمل ما من معان متعددة (3 / 14 - 15 و 8 / 28 و 12 / 32). وآخر الأمر شئ من التهكم الساخر أمام أقوال اخصام قابلة للدلالة على خلاف ما تدل عليه (7 / 52 و 9 / 24 - 27 و 11 / 49 و 12 / 19 و 16 / 30 و 19 / 18 - 22). فاختبار الروح القدس وحده يمكن من إدراك ما يهدف إليه النص.
[المؤلف] هذه الملاحظات كلها تؤدي إلى الجزم بأن إنجيل يوحنا ليس مجرد شهادة شاهد عيان دونت دفعة واحدة في اليوم الذي تبع الأحداث، بل كل شئ يوحي، خلافا لذلك، بأنه أتى نتيجة لنضج طويل.
لا بد من الإضافة أن العمل يبدو مع كل ذلك ناقصا، فبعض اللحمات غير محكمة وتبدو بعض الفقرات غير متصلة بسياق الكلام (3 / 13 - 21 و 31 - 36 و 1 / 15). يجري كل شئ وكأن المؤلف لم يشعر قط بأنه وصل إلى النهاية. وفي ذلك تعليل لما في الفقرات من قلة ترتيب. فمن الراجح أن الإنجيل، كما هو بين أيدينا، أصدره بعض تلاميذ المؤلف فأضافوا عليه الفصل 21 ولا شك أنهم أضافوا أيضا بعض التعليق (مثل 4 / 2 (وربما 4 / 1) و 4 / 44 و 7 / 39 و 11 / 2 و 19 / 35). أما رواية المرأة الزانية (7 / 53 - 8 / 11) فهناك إجماع على أنها من مرجع مجهول فأدخلت في زمن لاحق (وهي مع ذلك جزء من " قانون " الكتاب المقدس).
أما المؤلف وتاريخ وضع الإنجيل الرابع، فلسنا نجد في المؤلف نفسه أي دليل واضح عليهما.
وربما كان ذلك مقصودا. فيجب أن يتوقف الانتباه، لا على الشاهد، بل على من هو موضوع البشارة والتأمل (3 / 29 و 1 / 8 و 4 / 41). غير أن الآية 21 / 24 التي أضيفت لا تتردد في التوحيد بين المؤلف و " التلميذ الذي أحبه يسوع " والوارد ذكره مرارا كثيرة في أحداث الفصح (13 / 23 و 19 / 26 و 20 / 2). لا شك أن المعني هو ذلك " التلميذ الآخر " المذكور في نصوص دون أن يسمى (1 / 35 - 39 و 18 / 15).
إن التقاليد الكنسية تسميه يوحنا منذ القرن الثاني وتوحد بينه وبين أحد ابني زبدى، أحد الاثني عشر. هناك جزء من مؤلف لپاپياس، مطران هيراپوليس فريجيا، يرقى تاريخه إلى نحو السنة 140، وفيه هذه الجملة التي تترك مجالا للتردد في هذا الأمر: " لن أتردد أن أضع بين التفسيرات تلك الأمور التي تعلمتها تعليما حسنا جدا ذات يوم عن الأقدمين، فحفظتها حفظا حسنا جدا في ذاكرتي، بعد أن تحققت صحتها.. وإن وصل أحد كان من تابعة الأقدمين، كنت استعلم منه عن أقوال الأقدمين: ما قاله اندراوس أو بطرس أو فيلبس أو توما أو يعقوب أو يوحنا أو متى، أو غيرهم من
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة