الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٧٦٠
[مدخل إلى رسائل القديس يوحنا] [ظروف إنشاء الرسائل] إن رسائل يوحنا، الأولى والثانية منهما على أقل ما يقال، لا تحتوي شيئا يخبر عن ظروف إنشائها وهوية كاتبها. ولكن البحث في النص نفسه يتيح مقدارا كافيا من الاطلاع على الحالة التي كان عليها الذين بعث بها إليهم والأسباب التي دعت صاحبها إلى الكتابة إليهم.
ويمكن الاستنتاج، من لهجة الجدال الواردة في عدة فقرات، أن الجماعات التي وجهت إليها الرسائل كانت تجتاز أزمة شديدة. فإن انتشار عقائد لا توافق الوحي المسيحي كان يعرض للخطر صفاء الإيمان. من كان دعاة ذلك التعليم؟ سموا مسحاء دجالين (1 يو 2 / 18 و 22 و 4 / 3 و 2 يو 7) ومتنبئين (1 يو 4 / 1) وكذابين (2 / 22) ومضلين (2 يو 7). إنهم من العالم (1 يو 4 / 5) وينقادون لروح الضلال (1 يو 4 / 6). كانوا من الجماعة إلى عهد قريب (يو 2 / 19 وراجع 2 يو 9)، وهم يحاولون الآن إضلال المؤمنين الذين ما زالوا أمناء (1 يو 2 / 26 و 3 / 7) فيحملون إليهم تعليما ليس بتعليم المسيح (2 يو 10).
أيا كان ضلالهم؟ خدعوا بروحانية من النمط الغنوصي فادعوا أنهم يعرفون الله (1 يو 2 / 4) ويرون الله (1 يو 3 / 6 و 3 يو 11) ويحيون متحدين به (1 يو 2 / 6)، وأنهم في النور (1 يو 2 / 9)، مع أن تعليمهم وسيرتهم يخالفان الوحي المسيحي مخالفة فاضحة. وكان قبل كل شئ موقفهم من المسيحانية بدعة، فكانوا يأبون أن يروا في يسوع المسيح المنتظر (1 يو 2 / 22) وابن الله (1 يو 4 / 15 و 2 يو 7)، وينكرون التجسد (1 يو 4 / 2 و 2 يو 7) ويجزئون يسوع، لأنهم يفصلون فيه بين يسوع التاريخ وابن الله، وينكرون أن ابن الله قد جاء بسبيل الماء والدم (1 يو 4 / 3 و 5 / 6). ولم يكن تصرفهم الخلقي أقل استئهالا للوم، فقد كانوا بما فيهم من نزعة غنوصية واضحة يزعمون أنهم بلا خطيئة (1 يو 1 / 8 و 10). ولا يعنون بحفظ وصايا الله (1 يو 2 / 4)، ولا سيما وصية المحبة الأخوية (1 يو 2 / 9).
حاول المؤرخون، منذ أمد بعيد، أن يعرفوا من هم أولئك المعلمون الكذابون. فقال ايريناوس إن إنجيل يوحنا توخى الرد على المبتدع قيرنتس. فيكون من المعقول جدا أن رسائل يوحنا استهدفت تعليم ذلك الرجل، ويبدو أن تعليمه كان موافقا في عدة أمور لتعليم الدعاة الذين شهرت بهم الرسالة.
وكان قيرنتس، كما ورد أيضا في إيريناوس، يعلم أن يسوع لم يكن سوى إنسان كسائر الناس، وأن المسيح السماوي اتحد به في المعمودية، ولكنه انفصل عنه في ساعة الآلام (ولربما في 1 يو 2 / 22
(٧٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 755 756 757 758 759 760 761 762 763 764 765 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة