الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٥٦٥
[رسالة القديس بولس إلى أهل غلاطية] [مدخل] من أراد أن يفهم الرسالة إلى أهل غلاطية، وجب عليه معرفة حالة الكنائس يوم كتب إليها بولس. لم تكن الأزمة التي حملت بولس على التدخل حادثا أهميته محلية فحسب، بل كانت مدة هامة في تطور الكنيسة الناشئة. فقد قامت بخيار حاسم وجب عليها القيام به لتبقى أمينة لحقيقة الإنجيل، وقد وجب عليها أن تكرره على مر العصور في سبيل تلك الأمانة نفسها.
نستهل الكلام بعرض ما نعرف عن الحالة التاريخية، بالرجوع إلى ما ورد في أعمال الرسل، وإلى ما جاء في الرسالة نفسها. ثم نوضح كيف دافع الرسول عن حقيقة الإنجيل، وقد شوهت في غلاطية. ونشير إلى مراحل شرحه للموضوع، ونبين آخر الأمر ما يجعل لهذه الرسالة صلة دائمة بواقع الحال.
[الأحوال التي قامت فيها أزمة غلاطية] نعرف من سفر أعمال الرسل كم ساهم بولس في نمو الكنيسة: إنه رسول الأمم، أرسل خصوصا إلى الوثنيين (رسل 9 / 15 و 22 / 21 و 26 / 17)، ولكن نشاطه الرسولي تعرض لمقاومة دائمة من لدن مسيحيين يعودون إلى أصل يهودي. أوجز لوقا عقيدتهم هكذا: " إذا لم تختتنوا على سنة موسى، لا تستطيعون أن تنالوا الخلاص " (رسل 15 / 1). أراد هؤلاء المسيحيون المتهودون أن يفرضوا على المؤمنين من أصل وثني نير الشريعة الموسوية. لم يكن بطرس من حزبهم، على ما جاء في سفر أعمال الرسل، فقد أتاه نور من الروح القدس، فعرف أن الله يهب هذا الروح للوثنيين كما يهبه لليهود، نظرا لإيمانهم بالمسيح (رسل 10 / 17 و 15 / 7 - 11). أما يعقوب فإنه تقبل دخول الوثنيين الكنيسة، فلم يفرض عليهم سوى العمل ببعض الأحكام التي رأى أنه لا بد منها والتي أعلنها مجمع أورشليم (رسل 15 / 19 - 21 و 28).
ويطلعنا سفر أعمال الرسل على مرور بولس عدة مرات بغلاطية. فقد بشر في أثناء رحلته الرسولية
(٥٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 560 561 562 563 564 565 566 567 568 569 570 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة