الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٥٣٩
[رسالة القديس بولس الثانية إلى أهل قورنتس] [مدخل] إن رسالة بولس الثانية إلى أهل قورنتس هي بين رسائله مؤلف جدال وإقناع أكثر منه شرح منظم كالذي في الرسالة إلى أهل رومة. لقد استعمل بولس في لهجة حادة فيها انفعال شديد، ليدافع عن عمله الرسولي ردا على خصومه، وليؤكد أنه لا يخضع إلا للمسيح. وجمع الرسول بمهارة في إرشاداته بين نبرات مختلفة، نبرات الحب والتوبيخ والغضب والحنان: إنه يريد الحفاظ على وحدة الكنيسة، مهما كلف الأمر والمساهمة في ترسيخ بنيانها.
[أحسن نموذج لإنشاء القديس بولس] تظهر الرسالة الثانية إلى أهل قورنتس إنشاء بولس ومتانة تعبيره على وجه أحسن مما هو عليه في الرسالة إلى أهل رومة من شرح منظم، أو في الأجوبة على الأسئلة في الرسالة الأولى إلى أهل قورنتس. تتوالى عبارات التضاد في الألفاظ والمعاني (1 / 5 و 17 - 22 و 24 و 2 / 1 و 16 و 3 / 3 و 6 و 9 و 13 و 4 / 10 - 11 و 18 و 5 / 15 و 17 و 8 / 9 و 9 / 5 و 12 / 6 - 10). وهناك أقوال غدت مشهورة بحق: " الحرف يميت والروح يحيي " (3 / 6) و " افتقر ربنا يسوع المسيح وهو الغني، لتغتنوا بفقره " (8 / 9). ويعرف الرسول كيف يمزج التهكم بالحدة ليقاوم مقاومة شديدة، بل ليقبح أسباب ضعف أهل قورنتس. حسبنا أن نقرأ الفصلين الثامن والتاسع لنكتشف آيتين أدبيتين صغيرتين. أتراهم أخذوا على الرسول قلة البلاغة؟ فانظر كيف يحول ذلك إلى صالحه، فيقول: " إن كنت غريبا عن البلاغة، فلست كذلك في المعرفة " (11 / 6). وكثيرا ما تفوق الرسالة الثانية إلى أهل قورنتس سائر رسائل بولس بتنوع طرق التعبير فيها (راجع على سبيل المثال: 2 قور 4 / 7 - 10 و 16 - 17 و 6 / 3 - 10).
[المرسل إليهم] هم الذين كتبت إليهم الرسالة الأولى، فكل ما قيل حينئذ في جماعة قورنتس لا يزال صحيحا
(٥٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة