[رسالة القديس بولس إلى أهل أفسس] [مدخل] [موضوع الرسالة ومضمونها] الموضوع الرئيسي في الرسالة إلى أهل أفسس هو التدبير (السر) الذي قضاه الله منذ الأزل، وبقي محجوبا في القرون الماضية، وحقق في يسوع المسيح، وكشف للرسول وتجلى في الكنيسة. وقد أشيد بذكر هذه الكنيسة، كما يشاد بذكر حقيقة شاملة في الأرض والسماء معا، لا بل بتحقيق عمل الله في الحاضر، أي الخليقة الجديدة. إن انتشار الكنيسة الذي انطلق من الرأس وهو المسيح، حتى بلغ السعة التامة التي قدرها لها الله، هو المجال الفسيح الذي يوجه إليه بولس أنظار المؤمنين، ويعبر عن هذه القوة الدافعة بصور متشابكة لنمو الجسد وبنيان بيت الله. دمج المسيحيون بالمعمودية في هذا الجسد الذي يتحد فيه إسرائيل والأمم الوثنية، فأصبحوا هم بأنفسهم خلائق جديدة، بالحمد والمعرفة والطاعة، وهم يظهرون بمظهر النواة لإعادة وحدة العالم.
في الرسالة قسمان متساويان يسهل تحديدهما:
1. يصف القسم الأول (الفصول 1 - 3) الكنيسة بأنها نتيجة عمل الله، في إنشاء خاص بالأسلوب الطقسي والتعليمي معا. استهل الكلام ببركة لها الطابع الخاص بالعبادة اليهودية (وهذه الفقرة تمتد في رأي بعضهم إلى آخر الفصل 3). إن الإشادة بذكر نعمة الله التي لا حد لها (1 / 3 - 4) هي الجزء المحدد على أحسن وجه في هذا القسم. يليها صلاة لالتماس النور، تفضي إلى تمجيد المسيح سيد العالم ورأس الكنيسة (1 / 15 - 23). ويصف الفصل الثاني التحول العظيم الذي تم عن يد المسيح: فما كان ميتا قد أصبح حيا (2 / 1 - 10)، وما كان منقسما ومغربا صار مصالحا (3 / 11 - 22). إن الخلاص بالنعمة يدرك كل امرئ، فيجمع في المسيح جميع البشر، فلم يبق من بعد حاجز بين إسرائيل والأمم الوثنية، وتبشر مصالحتهم بمصالحة العالم قاطبة. وعامل هذه المصالحة هو الرسول، فإن الفصل الثالث يكشف عن مكانة بولس في التدبير الإلهي (3 / 2 - 13). وينتهي القسم الأول كله بصلاة سجود تشيد بمحبة الله التي لا حد لها (3 / 14 - 19)، وتختم بالتمجيد (3 / 20 - 21).