الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ١٢٠
[إنجيل سيدنا يسوع المسيح كما رواه القديس مرقس] [مدخل] [الترتيب والمواضيع الرئيسية] يبدو لنا الإنجيل الثاني سلسلة روايات قصيرة على العموم، خالية من الروابط الدقيقة. والإطار الأكثر ظهورا للعيان يقوم على الإشارات الجغرافية. قام يسوع بنشاطه في الجليل (1 / 14) وفي جوار هذه البقعة حتى بلاد الوثنيين (7 / 24 و 31 و 8 / 27)، ثم مر بپيريه وأريحا (الفصل 10) وصعد إلى أورشليم (11 / 1). ولكن هذا الإطار لا يظهر ما في الكتاب من ترتيب باطني. فإن هذا الترتيب ناتج بالأحرى عن التبسط في بعض الموضوعات الرئيسية:
1) البشارة: أعرب الكتاب منذ كلماته الأولى عما يوليه من اهتمام ب‍ " بشارة يسوع المسيح ابن الله " (1 / 1)، ولا يلبث أن يسميه " بشارة الله " (1 / 14) أو " البشارة " وحسب (1 / 15). فإن هذه الكلمة تدل، في نظر مرقس كما في نظر بولس، على البشرى الموجهة إلى جميع الناس والتي ليس الإيمان المسيحي إلا قبولا لها: فقد أتم الله يسوع ما وعدهم به. فلا بد من أن تعلن البشارة لجميع الشعوب (13 / 10 و 14 / 9). وهذا العمل يعرف كيف يجب أن يكون الحاضر، فلا يتردد مرقس في تكييف بعض أقوال يسوع في سبيل ذلك. فبعد أن غاب يسوع، أصبح الزهد بالنفس والتخلي عن كل شئ لأجله زهدا وتخليا في سبيل البشارة (8 / 35 و 10 / 29). فإن العمل الإلهي الذي تجلى في حياة يسوع وموته وقيامته يستمر في هذا العالم بالكلمة التي أودعها التلاميذ. فالبشارة هي ذلك العمل الإلهي بين الناس أكثر منها رسالة جاءت من عند الله وموضوعها يسوع المسيح. وذلك العمل الإلهي بين البشر هو الوقت الحاضر الذي منه يلتفت مرقس لينظر إلى الماضي فيتكلم على ما كان في البدء منه (1 / 1) ويستنير بضوئه فيصف الوجود المسيحي.
2) يسوع المسيح ابن الله: إن المواعد الإلهية قد دخلت في مرحلة التحقيق ببشارة يوحنا المعمدان وقد مهد الطريق ليسوع الناصري (1 / 2 - 8). أما يسوع، فبعد أن أشار الله إلى أنه ابنه وقهر الشيطان في البرية، أخذ يعلن البشارة في الجليل (1 / 14 - 15). ومن ذلك الحين نشبت مأساة
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة