الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٧٨٦
[رسالة القديس يهوذا] [مدخل] لربما حار القارئ في عصرنا لدى مطالعته رسالة يهوذا، لأن تفكيرها يبدو غريبا عنه، وقد يخفى عليه كثير من التلميحات.
تحذر هذه الرسالة من معلمين كذابين من العسير معرفتهم على نحو دقيق. لقد وصف الخصوم وصفا فيه ملامح مصطنعة هي كناية عن عبارات مبتذلة من الأدب الجدلي في الدين اليهودي المعاصر لفجر المسيحية، فإن هؤلاء الناس منهومون في الأكل فاسقون جشعون مغرضون.. يتهمون بدس الشقاق في الكنيسة وشتم الملائكة وإنكار الرب يسوع المسيح. أتراهم أهل العرفان، أي أناس يزعمون أنهم حصلوا على المعرفة الحقيقية (العرفان) التي بها وحدها ينال الخلاص، فيزدرون باسمها الجسد، ويستسلمون إلى الرذائل المخالفة للطبيعة، ويشكون في التجسد؟ فقد يبين ذلك لماذا سماهم الكاتب متهكما " حيوانيين " يزعمون أنهم من طبيعة سامية، والحقيقة أن غرائزهم هي التي تسيرهم، لا الروح. ومع ذلك فمن العسير تحديد عقائدهم، ولا يتيسر لنا من إيضاح سوى ما يتناول بيئة الكاتب.
تبدو هذه البيئة متصلة اتصالا وثيقا بالأندية التي نشأ فيها الأدب الرؤيوي منذ القرن الثاني قبل الميلاد والتي خلفت مؤلفات أمثال كتاب أخنوخ وارتفاع موسى ووصايا الآباء الاثني عشر. وقد استشهد الكاتب بكلام من كتاب أخنوخ (الآيتان 14 و 15) بالحرف الواحد، واستعمل كتاب ارتفاع موسى نفسه أو وثيقة مماثلة له (الآية 9).
وكانت هذه البيئة تجعل شأنا كبيرا لتكريم بعض جماعات الملائكة (الآية 8)، وتتميز بنفورها من الرجاسة وانفصالها عن المنافقين، وقد عدوا غير قابلين للإصلاح: " ابغضوا حتى اللباس الذي دنسه جسدهم " (الآية 23). هذه الأفكار، وهي تخالف الأفكار العائدة إلى بولس وبيئته، قد وردت أيضا في الأدب القمراني، وفيه أيضا كان يتداول أصحابه المؤلفات الرؤيوية المذكورة آنفا.
ذلك عنصر مفيد لمن يحاول تحديد الأندية اليهودية المسيحية التي فيها أنشئت رسالة يهوذا. غير أن تكريم الكاتب للملائكة لم يسئ إلى فكره بخصوص المسيح. فقد خالف خصومه واعترف " بالرب يسوع المسيح " (الآية 4). إن يسوع المسيح هو الذي يجب على المرء أن يجعل فيه رجاءه من أجل الحياة الأبدية (الآية 21).
(٧٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 781 782 783 784 785 786 787 788 789 790 791 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة