الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٦٨٤
[الرسالة إلى العبرانيين] [مدخل] إن الرسالة إلى العبرانيين قد تحير قارئ عصرنا، فإنه يشعر، وهو يطالعها، بالإعجاب تارة، وبالاستغراب تارة. يعجب بما يلقاه من الكثافة التعليمية، والإيغال في الكشف عن الإنسان في عدة فقرات. استعمل الكاتب عبارات لا مثيل لها لإعلان سمو المسيح، وعرف في الوقت نفسه كيف يعبر تعبيرا موافقا للواقع عن التضامن الوثيق إلى أبعد حد، الذي يجمع بين يسوع وإخوته. يظهر في كل سطر طول باع الكاتب في معرفة العهد القديم، ويكمن حبه للكنيسة في كل إرشاد من إرشاداته.
غير أن هناك أمورا تدعو إلى الاستغراب. فالكاتب يفيض في ذكر الطقوس القديمة وذبائح الحيوانات، ويظهر مرونة فكرية كبيرة في تفسير رمزي للنصوص والأحداث، ولإيحاء صلات أمور الأرض والأمثلة العليا التي في السماء، وبين الأحداث التاريخية والأزل الإلهي. فكثير من القراء يشعرون عندئذ بأنهم يتعثرون، فإذا حاولوا، لامتلاك زمام أمرهم، البحث في النص بزيادة من الدقة، زاد سحر الانشاء في متاعبهم.
مصدر هذا المؤلف موضع أسئلة متشعبة أثارت، منذ العصور الأولى، مجادلات وشكوكا أوقظت بعدئذ في عهد الاصلاح: من أين أتت هذه الرسالة؟ أتمكن إناطتها باسم الرسول بولس أم لا؟ لماذا لا تشبه إلا قليلا جدا رسائل بولس الكبيرة؟ إلى من وجهت وما الذي دعا إليها؟ أتراها رسالة حقا؟
يجب البحث من كثب في هذه المسائل قبل إحصاء سريع لكنوز هذا المؤلف الجذاب.
[مصدر فيه نزاع] طرأ على الموقف من الرسالة إلى العبرانيين كثير من التقلبات في القرون الأربعة الأولى. وهناك فرق ظاهر بين كنائس الشرق وكنائس الغرب في هذا الموضوع.
ففي كنائس الشرق عدت الرسالة إلى العبرانيين دائما أبدا رسالة لبولس. إلا أن هذا التقليد على متانته لم يحل دون أن يلحظوا الفروق بين الرسالة إلى العبرانيين وسائر رسائل بولس.
أراد اقليمنضس الإسكندري أن يوضح سبب هذه الخصائص، فوصفها بأنها تكييف يوناني
(٦٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 679 680 681 682 683 684 685 686 687 688 689 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة