الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٤٥٧
[رسالة القديس بولس إلى أهل رومة] [مدخل] لا يختلف اثنان في أن الرسالة إلى أهل رومة هي أهم رسائل بولس الرسول. فليست أطولها فحسب، بل من أغناها من جهة العقيدة، حتى كثيرا ما عدت رسالة بحثا. وبنيتها أحسن رسائل بولس أحكاما. ولم يكن في التاريخ لأي رسالة أخرى مثل ما كان لها من التأثير، حتى ذهب بعضهم لعهد قريب إلى القول، بشئ من المبالغة، أن تاريخ كل من الكنيسة وهذه الرسالة واحد. أجل، لقد احتل هذا النص دائما أبدا مكانة ممتازة في تاريخ تفسير الكتاب المقدس، فشرحه كله أو شرح أجزاء منه أوريجنس ويوحنا فم الذهب وتيودوريتس والمؤلف الذي ينسب إلى أمبروسيوس وبيلاجيوس وأوغسطينس وأبيلار وتوما الاكويني الخ. ولكن دوره كان حاسما على وجه خاص في حقبتين من تاريخ الكنيسة، أي في القرن الخامس عند قيام الأزمنة البيلاجية والمناظرات الكبرى في مجانية الخلاص، وفي القرن السادس عشر عند قيام الاصلاح البروتستانتي.
[مكانة الرسالة في حياة الرسول] من الراجح أن بولس، لما أملى هذه الرسالة على طرطيوس (16 / 22)، كان في قورنتس عند غايوس " مضيفه ومضيف الكنيسة كلها " (16 / 23 وراجع أيضا 1 قور 14 - 15). وكان يوشك أن يرحل، بل يعتقد بعضهم أنه قد رحل، إلى أورشليم (15 / 25 - 33) حاملا دخل الصدقات التي نظم أمرها في مقدونية وآخائية، لإسعاف الفقراء من القديسين الذين في أورشليم (15 / 25 - 26). لقد قضى قبله ثلاثة أشهر في قورنتس (رسل 20 / 3) في آخر رحلته الرسولية الثالثة التي كتب في أثنائها، قبل بضعة أشهر، رسائله إلى أهل قورنتس وأهل غلاطية وربما إلى أهل فيلبي أيضا. كان إذا في آخر مرحلة من أشد مراحل نشاطه اضطرابا. وبدا له أنه أتم عمله في الشرق (15 / 19 - 20)، فعزم على حمل البشارة إلى الغرب. وقد توجه بفكرة إلى رومة وإسبانيا (15 / 24)، ولكنه كان في قلق من نتيجة رحلته إلى أورشليم. فإن قلبه يحدثه بما سيلقاه من المصاعب هناك (15 / 30 - 31). وفي سفر أعمال الرسل ما يؤكد هذه المخاوف: " هاءنذا اليوم
(٤٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 450 451 452 453 455 457 458 459 460 461 462 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة