ثلاثا فوجدته عذبا باردا لذيذا فبادرت مسرعا إلى الرحل وبشرت الخدم بأني قد وجدت الماء فحملوا ما كان معنا من القرب والأداوات لنملأها ولم أعلم أن والدي في طلب ذلك النهر وكان سروري بوجود الماء لما كنا عدمنا الماء وفني ما كان معنا وكان والدي في ذلك الوقت مشغولا بالطلب فجهدنا وطفنا ساعة هوية على أن نجد النهر ولم نهتدي إليه حتى أن الخدم كذبوني وقالوا لي لم نصدق فلما انصرفنا إلى الرحل وانصرف والدي أخبرته بالقصة فقال لي يا بني الذي أخرجني إلى ذلك المكان وتحمل الخطر كان لذلك النهر ولم أذق منه ولم أرزق منه ورزقته أنت وسوف يطول عمرك حتى تمل الحياة ورحلنا منصرفين وعدنا إلى أوطاننا وبلدنا وكان قد عاش والدي بعد ذلك سنيات ثم توفي (ره) فلما قرب سني من ثلاثين سنة وكان اتصل بنا خبر وفاة النبي * صلى الله عليه وآله * ووفاة الخليفتين من بعده خرجت حاجا فلحقت آخر أيام عثمان، فمال قلبي من بين جماعة أصحاب رسول الله * صلى الله عليه وآله * إلى علي بن أبي طالب (ع) فأقمت معه أخدمه وشهدت معه وقائعه وفي وقعة صفين أصابتني هذه الشجة من دابته فما زلت مقيما معه إلى أن مضى لسبيله فالح علي أولاده وحرمه أن أقيم عندهم فلم أقم وانصرفت إلى بلدي وخرجت أيام بني مروان حاجا وانصرفت مع أهل بلدي وإلى هذه الغاية ما خرجت في سفر إلا أن الملوك في بلاد المغرب يبلغهم خبري وطول عمري فيشخصوني إلى حضرتهم ليروني ويسألوني عن سبب طول عمري وعما شاهدت وكنت أتمنى وأشتهي أن أحج حجة أخرى فحملني هؤلاء حفدتي وأسباطي الذين ترونهم حولي وذكر أنه سقطت أسنانه مرتين أو ثلاثة فسألناه أن يحدثنا بما سمعه من أمير المؤمنين عليه السلام فذكر أنه لم يكن له حرص ولا همة في العلم في وقت صحبته لعلي بن أبي طالب (ع)
(٤٠٣)