ثم إني ألفيت ما أشرت له في كلام المرجع الديني السيد الخوئي (رحمه الله) - في مباحث أصول الفقه - حيث قال في رده على مقالة بعض الفلاسفة:
من البديهي أن وجوب وجوده تعالى لا يستدعي ضرورة صدور الفعل منه في الخارج، وذلك لأن الضرورة ترتكز على أن يكون إسناد الفعل إليه تعالى كإسناد المعلول إلى العلة التامة لا إسناد الفعل إلى الفاعل المختار.
فلنا دعويان:
الأولى: إن إسناد الفعل إليه ليس كإسناد المعلول إلى العلة التامة.
الثانية: إن إسناده إليه كإسناد الفعل إلى الفاعل المختار.
أما الدعوى الأولى فهي خاطئة عقلا ونقلا.
أما الأول: فلأن القول بذلك يستلزم في واقعه الموضوعي نفي القدرة والسلطنة عنه تعالى فإن مرد هذا القول إلى أن الموجودات بكافة مراتبها الطولية والعرضية موجودة في وجوده تعالى بنحو أعلى وأتم وتتولد منه على سلسلتها الطولية تولد المعلول عن علته التامة، فإن المعلول من مراتب وجود العلة النازلة وليس شيئا أجنبيا عنه.
مثلا: الحرارة من مراتب وجود النار وتتولد منها وليست أجنبية عنها..
وهكذا، وعلى هذا الضوء فمعنى علية ذاته تعالى للأشياء ضرورة تولدها منها وتعاصرها معها، كضرورة تولد الحرارة من النار وتعاصرها معها، ويستحيل انفكاكها عنها، غاية الأمر أن النار علة طبيعية غير شاعرة.