بالتحريف والتأويل، والكتب كانوا يكتبونها من عند أنفسهم ويقولون هو من عند الله، فأما كتب الله فإنها محفوظة لا تحول " (1).
وقال المقبلي - في (الأبحاث المسددة) -: " قوله: * (وإنا له لحافظون) * في الكشاف: إنه رد لاستهزائهم بقوله: * (يا أيها الذي نزل عليه الذكر) * أي نزل به جبرئيل عليه السلام محفوظا عن الشياطين، حتى بلغ إليك.
ثم إن صاحب الكشاف أدخل في الحفظ حفظه عن التحريف. وقال صاحب الانتصاف: يحتمل أن المراد حفظه من الاختلاف، كقوله تعالى: * (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) *.
واعلم أن هذا مطلق يصدق على كل وجه، وعلى أقل ما يحصل به معنى الحافظ، فالعدول إلى تعيين التعميم أو التخصيص بلا دليل، تحكم.
ثم قد فرعوا على صيانته من التحريف اختصاصه، وأنه قد دخل ذلك في سائر كتب الله تعالى، وليس لهم على ذلك دليل قطعي، بل ولا ظني، والصيانة من التحريف تحصل بتوفر الدواعي على نقله، وسائر كتب الله تعالى مساوية له في ذلك، بل هي أولى، لوجود الأشياء المتكاثرة في كل عصر، بخلافها اليوم.
هذا إن أريد الجملة وعمدة التفاصيل.
وإن أريد أدق دقيق، كرفعه وخفضه ونصبه وزيادة حرف مد مثلا ونقصه، فلا تتم الحراسة عن ذلك، وكيف، وهذه القراءات قد كثرت كثرة كثيرة، لا سيما على من يقبل ما يسمونه الشاذ، ولا نسلم أن العادة تقضي بحفظه عن ذلك.
وأما دعواهم على سائر كتب الله تعالى أنها محرفة عموما، اجترأ عليها كثير من مفرعة الشافعية، بأنه لا يجوز الاستنجاء بالتوراة والإنجيل، أو كثيرا كما يزعم كثير، فلا دليل لهم عليه.