أقول: أول اليهود هذا في شأن مسيحهم، والنصارى في حق إلههم، فقال اليهود: إن آسى اسم أبي داود، والمسيح لا يكون إلا من أولاد داود، فيكون هو المنصوص عليه، وقد ذكرت منع صغرى هذا القياس فيما قبل فتذكره.
وقال النصارى: إن المراد به عيسى بن مريم - عليه السلام -، لأنه هو المسيح الذي يجب أن يكون من أولاد داود.
وأجيب: بأن صفاته أعم من صفات النبي، ولا قرينة لقيام الخاص مقام العام.
فيكون المنصوص عليه هو المهدي - رضي الله عنه - بعينه، لصريح قوله:
ولا يدين بمجرد السمع، لأن المسلمين أجمعوا على أنه - رضي الله عنه - لا يحكم بمجرد السمع والظاهر، بل لا يلاحظ إلا الباطن، ولم يتفق ذلك لأحد من الأنبياء والأوصياء، أفلا ترى قوله صلى الله عليه وسلم: من قال لا إله إلا الله حقن ماله ودمه.
إذا علمت ذلك فاعلم: أن لفظة أسى في العبراني مرادفة للوجود، فيكون من قبيل استعمال العلة في مقام المعلول، إذ لا يمكن أن يكون للوجود الحقيقي أصل، فيكون المراد محمدا، لقوله: لولاك لما خلقت الأفلاك.
وقد اختلف المسلمون في المهدي، فقال أصحابنا من أهل السنة والجماعة: إنه رجل من أولاد فاطمة، يكون اسمه محمدا واسم أبيه عبد الله، واسم أمه آمنة. وقال الإماميون: بل إنه م ح م د بن الحسن العسكري - رضي الله عنه - وكان قد تولد سنة 255 من فتاة للحسن العسكري، اسمها نرجس، في سر من رأى، زمن المعتمد، ثم غاب سنة، ثم ظهر ثم غاب، وهي الغيبة الكبرى، ولا يؤوب بعدها إلا إذا شاء الله تعالى.
ولما كان قولهم أقرب لتناول هذا النص، وكان غرضي الذب عن ملة