متمسكين بالتوراة، فلو لم تكن صحيحة معمولة لما اعتمدوا عليها وهم أنبياء معصومون.
والقول بأن التبديل وقع في معانيها لا في ألفاظها، حكاه البخاري عن ابن عباس في آخر كتابه الصحيح، وحكاه فخر الدين الرازي عن أكثر المفسرين والمتكلمين " (1).
وقال الرازي بتفسير: * (إن الذين يكتمون) *: " المسألة الثالثة: اختلفوا في كيفية الكتمان، فالمروي عن ابن عباس أنهم كانوا يحرفون ظاهر التوراة والإنجيل، وعند المتكلمين هذا ممتنع، لأنهما كانا كتابين بلغا في الشهرة والتواتر إلى حيث يتعذر ذلك فيهما، بل كانوا يكتمون التأويل " (2).
وقال بتفسير: * (من الذين هادوا يحرفون الكلم) *: " فإن قيل: كيف يمكن هذا في الكتاب الذي بلغت آحاد حروفه وكلماته مبلغ التواتر المشهور في الشرق والغرب؟
قلنا: لعله يقال: القوم كانوا قليلين، والعلماء بالكتاب كانوا في غاية القلة، فقدروا على هذا التحريف.
والثاني: إن المراد بالتحريف إلقاء الشبه الباطلة والتأويلات الفاسدة، وصرف اللفظ من معناه الحق إلى الباطل بوجوه الحيل اللفظية، كما يفعله أهل البدعة في زماننا هذا بالآيات المخالفة لمذهبهم. وهذا هو الأصح " (3).
وقال السيوطي: " أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن وهب بن منبه قال: إن التوراة والإنجيل كما أنزلهما الله، لم يغير منهما حرف، ولكنهم يضلون