المساعي الكسبية، وإليه يرجع قوله (وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء). وقوله (إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده) وقوله (فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) ".
أقول: وهذه الخصائص الأربعة الحاصلة للأنبياء بسبب أن خلقتهم أشرف وأجل من خلقة الخلائق أجمعين، حاصلة لسيدنا أمير المؤمنين، لأنه خلق مع أفضل الأنبياء من نور واحد، فهو أفضل الخلائق والأنبياء عدا خاتمهم صلى الله عليه وآله وسلم فلا يجوز تقدم أحد عليه.
10 - شاه ولي الله الدهلوي وقال والد (الدهلوي) في (إزالة الخفا) ما تعريبه: " لقد خلقت نفوس الأنبياء عليهم السلام القدسية في غاية الصفاء والرفعة، وقد اقتضت الحكمة الإلهية أن ينالوا النبوة بذلك الصفاء والرفعة، ففوضت إليهم رئاسة العالم، قال الله تعالى (الله أعلم حيث يجعل رسالته).
وفي الأمة قوم خلقت نفوسهم قريبة من جوهر نفوس الأنبياء، وهؤلاء في أصل الفطرة خلفاء الأنبياء في الأمم، كالشمس تنعكس في المرآة ولا تنعكس في التراب والخشب والحجر، فإن هؤلاء - وهم خلاصة الأمة - يتأثرون بالنفس القدسية النبوية بوجه لا يتأتى لغيرهم، وقلوبهم تشهد بصحة ما يستفيدونه منها، حتى كأنه قد سبق لهم إدراك ذلك على وجه الاجمال، ثم جاء كلامه صلى الله عليه وسلم شارحا له ومبينا لإجماله، ثم تلى هؤلاء جماعات كل منها أدنى من سابقتها بدرجة حتى تصل النوبة إلى العوام من المسلمين.
فكما أن صاحب الخلافة الخاصة هو رئيس المسلمين في الظاهر، فكذلك يجب أن يكون رئيسا لهم متقدما عليهم من حيث الاستعدادات الباطنية كصفاء الباطن ورفعة الشأن، حتى تكن رئاسته الظاهرية مقرونة بالرئاسة الباطنية... ".