فالجواب: من الدليل على ذلك قوله تعالى (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) أي: إن هداهم هو هداك الذي سرى إليهم ذلك في الباطن، فإذا اهتديت بهداهم فإنما ذلك اهتداء بهداك، إذ الأولية لك باطنا والآخرية لك ظاهرا، ولو أن المراد بهداهم غير ما قررناه لقال له صلى الله عليه وسلم: فبهم اقتده.
وتقدم حديث كنت نبيا وآدم بين الماء والطين، فكل نبي تقدم على زمان ظهوره فهو نائب عنه في بعثته بتلك الشريعة، ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث " وضع الله تعالى يده بين ثديي " أي كما يليق بجلاله " فعلمت علم الأولين والآخرين " إذ المراد بالأولين هم الأنبياء الذين تقدموا في الظهور عند غيبة جسمه الشريف، وإيضاح ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم أعطي العلم مرتين مرة قبل خلق آدم ومرة بعد ظهور رسالته صلى الله عليه وسلم، كما أنزل عليه القرآن أولا من غير علم جبرئيل ثم علمه به جبرئيل مرة أخرى..
فإن قلت: فإذن روح محمد صلى الله عليه وسلم هي روح عالم الخير كله، وهي النفس الناطقة فيه كله.
قلت: نعم والأمر كذلك كما ذكره الشيخ في الباب السادس والأربعين وثلاثمائة، فحال العالم المذكور قبل ظهوره صلى الله عليه وسلم بمنزلة الجسد المستوي، وحاله بعد موته صلى الله عليه وسلم بمنزلة النائم، وحال العالم حيث يبعث يوم القيامة بمنزلة الانتباه من النوم، فالعالم كله نائم من حين مات رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن يبعث " (1).
أقول: وكلما ذكره في حق رسول الله صلى الله عليه وآله صادق وثابت في حق علي عليه السلام (لحديث النور)، فهو مثله في كل شئ، ومن ذلك التقدم على الأنبياء، فهو الأفضل من بعده على جميع الخلائق، فهو المتعين للخلافة من بعده.